فيكون حالهما كما إذا قطع كلّ واحد منهما على خلاف الآخر فيعمل كلّ واحد منهما بقطعه.
العاشر : لا شك في وجوب رجوع الإمام إلى المأمومين إن كانوا متفقين في الحفظ ، بمعنى أنّ كلهم متفقون على أن ما بيدهم هي الركعة الثالثة أو الرابعة مثلا ، سواء كان منشأ اتفاقهم هو القطع ، أو الظنّ ، أو البينة.
وأمّا إذا كانوا مختلفين ، فإن كان بعضهم شاكّا وبعضهم الآخر قاطعا فلا شبهة في وجوب رجوعه إلى القاطعين ، لأنّهم الحافظون ، وأمّا الشاكون فحالهم مثل حاله ، لا حفظ لهم.
وما في ذيل مرسلة يونس من قوله عليهالسلام « فإذا اختلف على الإمام من خلفه فعليه وعليهم في الاحتياط الإعادة والأخذ بالجزم » (١) ليس المراد من الاختلاف هذا المعنى ، بل المراد اختلافهم في الحفظ ، بمعنى أنّ طائفة منهم قاطعون أو ظانون ـ بناء على أنّ الظنّ أيضا حفظ ـ على أنّ الركعة التي بيدهم مثلا هي الثالثة ، وطائفة أخرى قاطعون أو ظانون بأنّ ما في يدهم مثلا هي الرابعة ، وإن كانوا كلهم حافظين ولكنهم مختلفون في الحفظ ، فهل له الرجوع إلى إحدى الطائفتين مخيرا ، أو ليس له الرجوع إليهم أصلا؟
أمّا الرجوع إلى إحديهما معينا ، أي خصوص الطائفة التي يعتقد بالأقلّ ، أو خصوص الطائفة التي يعتقد بالأكثر فواضح البطلان لأنّه ترجيح بلا مرجح.
الظاهر هو الثاني ، أمّا أوّلا : فلأنهم إذا كانوا مختلفين في الحفظ فكلّ طائفة كما أنّه يثبت ما اعتقده تنفي ما اعتقده الأخرى ، فبدلالة المطابقة إخباره بكون ما بيدهم مثلا هي الثالثة يثبت كونه ثالثة ، وبدلالة الالتزام ينفي قول الطائفة الأخرى ، فكلّ واحدة من الطائفتين لو كان حفظه وإخباره حجّة ، فتحصل عند الإمام حجّة على نفي الثالثة
__________________
(١) تقدم تخريجه في ص ٢٧٩ ، رقم (١).