فمفاد الصحيحة بناء على هذا هو ، أنّ النافلة والفريضة مشتركان في البناء على الأكثر ، والفرق بينهما هو أنّه ليس في النافلة جبر ما احتمل نقصه بصلاة الاحتياط ، بخلاف الفريضة فإنّ فيها الجبر. وحيث فهم من الصحيحة هذا المعنى ، أي البناء على الأكثر مع عدم الجبر ذكر بعد ذلك تلك المرسلة التي تدلّ على البناء على الأقلّ كي يجمع بينهما وبين الصحيحة بإرادة التخيير.
ولكن أنت خبير بما في هذا الاحتمال من الضعف والخلل ، وقد عرفت أن الظاهر من الصحيحة هو البناء على الصرفة ، لأن الظاهر من كلمة « لا شيء عليه » أي يمضي في صلاته بدون أن يكون عليه شيء من الإعادة أو الجبر بصلاة الاحتياط ، ولازم هذا المعنى هو الأخذ بالصرفة التي قلنا بها في معنى الحديث.
الثاني : الإجماع ، وقد ادعاه جمع من الأعاظم كما في المعتبر (١) ، والرياض (٢) ، والمصابيح ، والتهذيب (٣) ، وعن مفتاح الكرامة نقلا عن الأمالي أنه من دين الإمامية (٤) ، وعن الغنية والخلاف كما في الجواهر نقلا عنه حيث قال : لا سهو في النافلة ، وبه قال ابن سيرين. وقال باقي الفقهاء : حكم النافلة حكم الفريضة فيما يوجب السهو. دليلنا : إجماع الفرقة ، وأيضا الأصل البراءة ، فمن أوجب حكما فعليه الدليل ، وأخبارنا في ذلك أكثر من أن تحصى (٥).
وقد عرفت مرارا ما في الاستدلال بالإجماع في هذه الموارد فلا نعيد. نعم هذه الإجماعات المدعاة في أمثال المقام توجب الوثوق بصدور الرواية التي مفادها مفاد هذه الإجماعات.
__________________
(١) « المعتبر » ج ٢ ، ص ٣٩٥.
(٢) « الرياض » ج ١ ، ص ٢٢٢.
(٣) « تهذيب الأحكام » ج ٢ ، ص ١٧٨ ، ذيل ح ٧١٣.
(٤) « مفتاح الكرامة » ج ٣ ، ص ٣٤٥.
(٥) « جواهر الكلام » ج ١٢ ، ص ٤٢٤.