في الأصول ـ الذي هو من الأدلّة وقلنا بحجيته ـ هو عدم وجود دليل معتبر يمكن أن يكون هو منشأ ذلك الإطلاق ، فلا شكّ في إطلاقها في كون إيجاد سبب الفناء والهلاك بالمعنى الذي ذكرنا للسبب موجب الضمان ، قصد الموجد للسبب ترتّب المسبّب على فعله أو لم يقصد.
نعم يلزم أن يصدق عليه ما أخذ موضوعا للضمان ، وهو عنوان « من حفر بئرا في غير ملكه فوقع فيها شيء فهو ضامن » وإن قصد العدم أي حفر برجاء عدم وقوع أحد فيها.
ولو اجتمع السبب والمباشر ، فهل الضمان على المباشر أو السبب أو على كليهما بالاشتراك؟ احتمالات :
قال المحقّق في الشرائع : إذا اجتمع السبب والمباشر قدّم المباشر في الضمان على ذي السبب ، كمن حفر بئرا في ملك غيره عدوانا فدفع غيره فيها إنسانا ، فضمان ما يجنيه الدفع على الدافع (١).
وادّعى جمع ـ على هذا القول ـ عدم الخلاف والإجماع ، وكان تقديم المباشر على السبب عندهم من المسلّمات.
والأمر في هذه الفرع الذي ذكره المحقّق وإن كان كما ذكره ، لأنّ الجناية مستند عرفا بل عقلا إلى الدافع ، وحفر البئر بالنسبة إلى هذه الجناية من المعدّات التي لا توجب الضمان مع صدور الإتلاف عن الفاعل المختار ، وإلاّ كان صانع السيف ضامنا إذا قتل به المباشر شخصا ، وهذا ممّا لم يقل به أحد ، ولا يصحّ القول به قطعا.
إلاّ أنّ جميع موارد اجتماع السبب والمباشر ليس من هذا القبيل ، مثلا لو وصف الطبيب دواء وكان سمّا قاتلا ، والممرض أعطاه للمريض فأتلفه ذلك السمّ ، ففي هذا المورد استناد الجناية إلى السبب أي الطبيب أقوى من المباشر ، خصوصا إذا كان
__________________
(١) « الشرائع » ج ٣ ، ص ٢٣٧.