نعم ، إذا قلنا بحجّية الظنّ في أفعال الصلاة ـ كحجّيته في عدد الركعات ـ قامت الحجّة على العدم في المثل المذكور ، فكيف يمكن أن يقال بعدم الاعتناء بمثل هذه الحجّة.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ دليل وجوب المضي في الصلاة وعدم الاعتناء بالشكّ في مورد كثير الشكّ حاكم على دليل اعتبار الظنّ في أفعال الصلاة ، أي يخرج كثير الظنّ عن تحت دليل اعتبار الظنّ وحجّيته تعبّدا ، فكأنّه قيد دليل اعتبار الظنّ بعدم كونه من كثير الظنّ.
وننكر ما اعتذرنا سابقا لعدم الحكومة بخروج كثير الظنّ عن موضوع كثير الشكّ ، وهذا الإنكار في محلّه وصحيح ، لما قلنا من أنّ الشكّ لغة وعرفا يشمل الظنّ والوهم ، لأنّه خلاف اليقين.
التاسع : في أنّه لو كان كثير الشكّ في أصل وجود الصلاة ـ بمعنى أنّه كثيرا يشكّ مثلا في أنّه صلى صلاة الظهر أم لا ، وهكذا في سائر الصلوات ـ فهل تجري هذه القاعدة ، أي يحكم بوجود تلك الصلاة أم لا؟
الظاهر عدم الجريان ، لأنّ قوله عليهالسلام « إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك » أنّ كثرة الشكّ تكون في صلاته ، لا في أصل وجود الصلاة. وهذا بقرينة الحكم المترتّب على هذا الموضوع ، لأنّ الحكم قد يضيّق الموضوع مع سعته في حدّ نفسه ، مثل « لا تمش مع أحد » فإنّ لفظ « أحد » بحسب مفهومه اللغوي والعرفي يشمل الأحياء والأموات ، ولكن بقرينة الحكم ـ أي لا تمش ـ يختصّ في المثل المذكور بالأحياء. وهاهنا جملة « إذا كثر عليك السهو » حيث لم يذكر فيها متعلّق السهو ففيه إطلاق يشمل السهو في أفعال الصلاة وعدد ركعاتها وأصل وجود الصلاة ، ولكن حكمه عليهالسلام بقوله : « فامض في صلاتك » يخصّصه بأفعال الصلاة وركعاتها ، لأنّه إذا شكّ في أصل الصلاة فلا يبقى مورد لقوله عليهالسلام : « امض في صلاتك » وهذا واضح جدا.