فبعضهم يفتي بالضمان ، وبعضهم ينفي ، وبعضهم كصاحب الشرائع يقف عن الفتوى ويظهر التردّد.
وعلى كلّ حال أنت عرفت أنّ كون التسبيب موجبا للضمان مستفاد من تلك الروايات التي ذكرنا ، فلا بدّ من الحكم بالضمان في صدق ما أخذ موضوعا للضمان في تلك الروايات ، من دون أن ينجرّ إلى القياس.
أحدها : عنوان « كلّ شيء يضرّ بطريق المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيبه ».
وهذا العنوان أجنبي عن الموارد الثلاث إلاّ أن يقال إنّ المناط في الضمان هو الإضرار بالمسلمين ، ولا خصوصية لكونه من طريق الطريق ، وهو لا يخلو من تأمّل.
الثاني : عنوان « من حفر بئرا في ملك غيره أو في الطريق فهو ضامن لما يسقط فيها ».
ولا شكّ في أنّ هذه الموارد الثلاث ونظائرها ليست من مصاديق من حفر بئرا في ملك غيره ، أو من مصاديق من حفر بئرا في الطريق. اللهمّ إلاّ أن يقال : لا خصوصيّة لحفر البئر ، بل المراد إيجاد ما هو سبب تلف مال الغير في العادة مع وقوع التلف فعلا وترتّبه على السبب ، وليس ببعيد.
الثالث : ما جعل موضوعا للضمان في خبر السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام من قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من أخرج ميزابا أو كنيفا » (١) إلى آخر ما ذكره من الأمور الخمسة.
والإنصاف أنّه يستظهر من هذه الرواية قاعدة كليّة ، وهي أنّ كلّ فعل صدر من فاعل عاقل مختار. وكان سببا في العادة لوقوع تلف في مال المسلمين أو في نفسه ، ولم يتوسّط بين ذلك الفعل والتلف فعل فاعل عاقل عن عمد واختيار بحيث يكون التلف
__________________
(١) « الشرائع » ج ٣ ، ص ٢٣٨.