وأمّا مسألة إلانة الأرض تحته لأسأله الماء منه بواسطة إزالة الوكاء فهذا من قبيل معلول المعلول ، فإن كان إزالة الوكاء علّة لأسأله الماء منه ، وإسالة الماء منه علّة لإلانة الأرض تحته ، وإلانة الأرض تحته علّة لانقلابه وتلف ما فيه ، فبإيجاد السبب الأوّل تترتّب عليه الأسباب الطوليّة ويكون حالها حال السبب الأوّل ، فيمكن أن يقال إنّ هذا أيضا من الإتلاف مباشرة.
ومنها : أيضا ما هو في الشرائع قال قدس سرّه ولو أرسل في ملكه ماء فأغرق مال غيره ، أو أجّج نارا فأحرقته لم يضمن ، ما لم يتجاوز قدر حاجته اختيارا مع علمه أو غلبة ظنّه ، إنّ ذلك موجب للتعدّي إلى الإضرار (١).
وفي هذه المسألة صور :
إحديها : هذه التي ذكرها في الشرائع.
الثانية : عين هذه الصورة إلاّ أنّها مع التجاوز عن قدر الحاجة.
الثالثة : أن لا يكون له علم ولا غلبة الظنّ بالتعدّي إلى الإضرار ، مع عدم التجاوز عن قدر الحاجة.
الرابعة : فيما إذا تجاوز عن قدر الحاجة ولكن لا علم له ولا ظنّ بالتعدّي.
الخامسة : عين هذه الصورة الرابعة ولكن مع العلم بعدم التعدّي.
السادسة : عين هذه الصورة الخامسة ولكن مع عدم التجاوز عن قدر الحاجة.
وفي جميع هذه الصور الستّ المفروض وقوع التلف ، وإلاّ لم يكن محلّ للبحث في أنّه يضمن أو لا يضمن.
أقول : أقوال الفقهاء المحققين والأساطين في هذه المسألة مختلفة جدا ، فليس في المسألة إجماع على الضمان ولا على عدمه ، فنتكلّم فيما هو مقتضى القواعد
__________________
(١) « الشرائع » ج ٣ ، ص ٢٣٧.