في حقّه فهذا المعنى أي وحدة التكليف واشتراكه بين جميع المكلفين شيء مرتكز في أذهان جميعهم ، ولا يمكن ذلك إلاّ بوصوله إليهم من مبدإ الوحي والرسالة ، ثمَّ من هؤلاء إلى من بعدهم ، وهكذا إلى زماننا.
ولعلّ إلى هذا ينظر كلام بعض المحققين حيث يقول : والقول بأنّ الكون في زمان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم دخيل في اتّحاد الصنف الذي هو شرط شمول الخطابات ، هدم لأساس الشريعة ، وذلك من جهة أنّ الأحكام إن كانت مخصوصة بالحاضرين في مجلس النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم المخاطبين ، أو مطلق الموجودين في ذلك الزمان فقط ، فانتهى أمر الدين ـ العياذ بالله ـ وتكون الناس بعد ذلك كالبهائم والمجانين. وهذا أمر باطل بالضرورة ، لأنّه يوجب هدم أساس الدين.
فادّعاء الضرورة على اشتراك الجميع في التكاليف لا بد فيه ، بل هو كذلك.
وهذا لا ينافي اختصاص بعض التكاليف ببعض الطوائف دون بعض ، بل ببعض الأشخاص دون سائرين ، لأنّ المراد من الاشتراك عدم اختصاص التكليف بمن توجّه الخطاب اليه ، كما أشرنا إلى ذلك وقلنا : إنّ قوله عليهالسلام لزرارة أو محمّد بن مسلم مثلا « أعد » أو « اغسل » أو « لا يعيد » مثلا ، ليس من جهة اختصاص ذلك الحكم بهما وأمثالهما من الرواة ونقله الأحاديث ، بل توجيه الخطاب إليهما أو إلى غيرهما من باب أنّهم من مصاديق طبيعة المكلّفين ويبيّنون حكم المسألة بهذه الصورة.
وهذا لا ينافي كون موضوع الحكم ـ أي المكلف ـ مقيدا ببعض القيود ، أو متّصفا ببعض الصفات ، أو كونه من طائفة خاصّة من الطوائف ، أو كونه من النساء أو من الرجال ، وأمثال هذه الاختلافات ، بل لا بدّ منها لعدم كونه الأحكام جزافيّة ، بل تابعة للمصالح والمفاسد التي في متعلّقاتها وموضوعاتها.
والموضوعات والمتعلّقات تختلف من حيث المصلحة والمفسدة باعتبار اختلاف قيودها وأوصافها وحالاتها ، كالحريّة والرقيّة والاستطاعة وعدمها ، والسفر والحضر ،