الحكم الواحد لكلّ من يسأل عن ذلك الموضوع أو عن تلك الواقعة ، ومع ذلك أرجع الإمام عليهالسلام جمع الشيعة إليهم في أخذ أحكامهم الشرعيّة.
وهذه الروايات يمكن ادعاء القطع بصدور بعضها منهم عليهمالسلام ، فما نسب إلى بعض المحقّقين من ادّعاء تواتر الأخبار على الاشتراك ، بالمعنى الذي هو الآن محلّ الكلام ليس بكل البعيد ، بل المتتبّع يجد ذلك من ملاحظة جميع الأخبار الواردة في هذا الباب.
الخامس : وهو الوجه الوجيه ، وما هو التحقيق عندنا : أنّ جعل الأحكام من الأزل على الموضوعات المقدّرة الوجود على نحو القضايا الحقيقيّة ، وليس من قبيل القضايا الخارجيّة حتّى يكون تسريته إلى غير الحاضرين في مجلس الخطاب أو غير الموجودين في ذلك الزمان بدليل الاشتراك ، بل شموله للحاضرين والغائبين والموجودين والمعدومين على نسق واحد.
وهذا هو شأن القضيّة الحقيقيّة الكلّية ، سواء كان إخبارا أو إنشاء ، فإذا قلت : « كلّ إنسان ضاحك بالقوّة » لا فرق في شمول هذا الحكم لأفراد الإنسان بين من كان قبلا موجودا من زمان آدم عليهالسلام ، أو فعلا يكون موجودا ، أو من يوجد بعد إلى انقضاء زمان حياة البشر ونفخ الصور ويوم البعث والنشور.
فكذلك في القضيّة الحقيقيّة الإنشائيّة ، فقول الله تعالى ( وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) (١) الذي في قوّة أن يقال بصورة الجملة الخبريّة : « كلّ إنسان مستطيع يجب عليه الحجّ » يشتمل الموجودين والمعدومين في عرض واحد لأنّ الحكم أي وجوب الحج ثابت على كل إنسان مستطيع بمعنى أنّ كلّ شخص إذا وجد في الخارج وكان مصداقا للإنسان المستطيع يكون الحج واجبا عليه فالحكم على الطبيعة السارية إلى جميع الأفراد.
وبعبارة أخرى : حيث أنّ الله تعالى عالم في الأزل بوجود المصلحة الملزمة في الفعل
__________________
(١) آل عمران (٣) : ٩٧.