وأمّا إذا قلنا إنّ هذا الحكم ـ أي جواز التوضّي والشرب من الماء غير المتغيّر وعدم جوازهما من الماء المتغيّر ـ مجعول على نهج القضايا الحقيقيّة ، فشموله لذلك الشخص المخاطب وآخرين في عرض واحد ، فلا يبقى موضوع لدليل الاشتراك.
وفي مسألة عدم تنجّس ماء المطر بملاقاة البول واختلاطه به حين ينزل المطر روى عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في ميزابين سالا ، أحدهما بول والآخر ماء المطر فاختلطا ، فأصاب ثوب رجل « لم يضرّه ذلك » (١). فإسراء هذا الحكم إلى غير ذلك الرجل يحتاج إلى قاعدة الاشتراك ، لو لم نقل بجعل الأحكام على نهج القضايا الحقيقيّة. وما ذكرنا كان من باب النموذج ، وإلاّ فالاستقصاء في موارد تطبيق هذه القاعدة معناه أن نذكر أغلب دورة الفقه مع مداركها من الروايات ، إذ كما ذكرنا في جميع أبواب الفقه من الطهارات إلى الديات أغلب مسائلها من هذا القبيل.
وهم ودفع
امّا الأوّل : هو أنّ هذه القاعدة ليس لها اطّراد وانخرمت في مواضع عديدة :
منها : مسألة الجهر والإخفات ، فالمرأة والرجل مختلفان في هذه الحكم في الصلوات الجهريّة ولا اشتراك بينهما ، لأنّ فيها يتعيّن على الرجل الجهر ، وعلى المرأة الإخفات.
وفي مسألة الوضوء يتعيّن على الرجل صبّ الماء ابتداء على ظهر اليد استحبابا ، وعلى المرأة بالعكس ، لما رواه محمّد بن إسماعيل بن بزيع عن أبى الحسن الرضا عليهالسلام قال : « فرض الله على النساء في الوضوء للصلاة أن يبدأن بباطن أذرعهنّ ، وفي
__________________
(١) « الكافي » ج ٣ ، ص ١٢ ، باب اختلاط ماء المطر بالبول. ح ١ ، « تهذيب الأحكام » ج ١ ، ص ٤١١ ، ح ١٢٩٥ ، باب المياه وأحكامها ، ح ١٤ ، « وسائل الشيعة » ج ١ ، ص ١٠٩ ، أبواب الماء المطلق ، باب ٦ ، ح ٤.