الكلام وذلك من جهة أنّه لا يمكن وقوعه عنه إلاّ بأن يصير ملكا له آنا ما قبل وقوع العتق عنه.
ومنها : فيما إذا اشترى من ينعتق عليه ، فلا بدّ من الالتزام بملكيّة المشتري آنا ما كي يصحّ البيع فينعتق عليه ، وهذا مقتضى الجمع بين دليلي صحّة البيع وانعتاقه عليه.
ومنها : ما قيل في باب المعاطاة بناء على القول بالإباحة وجواز عتق من اشتراه بالمعاطاة أو وقفه أو تعلّق الزكاة والخمس به فإنّ مقتضى الجمع بين أدلّة هذه الأقوال هو الالتزام بملكيّة آنا ما. والحاصل أنه بعد ورود الدليل على رجوع الثمن إلى المشتري إذا تلف المبيع قبل القبض فلا بدّ من الالتزام بانفساخ العقد ورجوع المبيع إلى ملك البائع آنا ما ، فوقوع التلف كان في ملكه.
الثاني : الإجماع على هذا الحكم ، وقد ادّعاه صريحا في التذكرة ، وحكى أيضا عن جماعة (١). والظاهر عدم الخلاف واتّفاق الأصحاب على هذا الحكم.
ولكن قد ذكرنا مرارا من أنّ مثل هذا الاتّفاق والإجماع ـ الذي من المحتمل بل المظنون بالظنّ القوي أن يكون مدركه الروايات الواردة في هذا الباب ، أو الاعتماد على ما سنذكره من بناء العقلاء ـ ليس من الإجماع المصطلح في الأصول الذي بنينا على حجيّته.
الثالث : بناء العقلاء على انفساخ العقد لو وقع التلف قبل القبض ورجوع الثمن إلى المشتري ، وذلك من جهة أنّ العقلاء في باب العقود المعاوضيّة وإن كانوا ينشأون المبادلة بين المالين ـ بمعنى أنّهم في عالم الاعتبار يملكون أحد العوضين لصاحب العوض الآخر ـ ولكن بعنوان المعاوضية وكون العوض الآخر عوضا وبدلا ، وليس من قبيل الهبة تمليكا مجّانيا وبلا عوض وبلا بدل ، فما دام كلّ واحد من العوضين باق ويكون قابلا لأن يعطي للآخر بدل ماله الذي أخذ منه هذا العقد باق.
__________________
(١) « تذكرة الفقهاء » ج ١ ، ص ٤٧٣.