[ الجهة ] الثانية
فذي مدرك هذه القاعدة
فنقول : إنّ هذه القاعدة من قواعد باب القضاء ، بمعنى أنّ الحاكم في مقام حكمه إذا يسمع قول مدّع ولا يطلب منه البيّنة فلا يحكم له إلاّ بعد اليمين ، مثلا إذا تخاصم المودع مع الودعي ولم يكن للمودع بيّنة على أنّ الودعي أتلف ماله أو قصر في حفظه ، أو تصرّف في الوديعة من دون إذن المودع ، أو غير ذلك ممّا يوجب الضمان ، فلا يحكم الحاكم بعدم اشتغال ذمّته إلاّ بعد حلف الودعي على نفي هذه الأمور ، وهذا معنى سماع قوله ، لا أنّه بمحض أن لا تكون للمودع بيّنة على أحد هذه الأمور يحكم للودعي بدون أي شيء.
واستدلّوا على لزوم الحلف للمدّعي الذي يسمع قوله من دون بيّنة بأمور :
الأوّل : أن الحكم في مقام المخاصمة لا يجوز إلاّ بأحد الميزانين ، وهما البيّنة واليمين، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان » (١).
ولا شكّ في أنّ « إنّما » كلمة حصر ، فيدلّ قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم هذا على أنّ سبب الحكم منحصر في أحد هذين ، فإذا لم يطالب المدّعي بالبيّنة ـ كما هو المفروض في المقام ـ فإمّا أن يحكم له بدون اليمين أيضا ، وهذا خلاف قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّ قضاء بأحد الأمرين ، وإمّا إيقاف الدعوى وعدم الحكم أصلا ، وهذا خلاف حكمة جعل القضاء. ويلزم اختلال النظام ، وتضييع الحقوق ، والهرج والمرج ، وخلاف الآية الشريفة ( يا داوُدُ إِنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النّاسِ بِالْحَقِّ ) (٢) فلا بدّ وأن نقول بأن الحكم له
__________________
(١) « الكافي » ج ٧ ، ص ٤١٤ ، باب إنّ القضاء بالبيّنات والأيمان ، ح ١ ، « تهذيب الأحكام » ج ٦ ، ص ٢٢٩ ، ح ٥٥٢ ، باب كيفيّة الحكم والقضاء ، ح ٣ ، « معاني الأخبار » ص ٢٧٩ ، « وسائل الشيعة » ج ١٨ ، ص ١٦٩ ، أبواب كيفيّة الحكم وأحكام الدعوى ، باب ٢ ، ح ١.
(٢) ص (٣٨) : ٢٦.