بذلك الميزان الآخر ، أي اليمين.
لا يقال : إنّه في بعض الموارد ورد الدليل على عدم الحلف أيضا ، كما في باب العبادات الماليّة كالزكاة والخمس ، وسماع قول المالك في عدم التعلّق وفي الأداء أيضا ، وكسماع قول الفقير في دعوى الفقر ، كلّ ذلك من دون بيّنة ولا حلف.
لأنّه لا نقول نحن بأنّ الحصر عقليّ ليس قابلا للتخصيص ، فإذا جاء الدليل في مورد على عدم لزوم الحلف أيضا يخصّص العمومات.
الثاني : أنّ قول المدّعي في هذه المقامات حجّة ، لأنّ الدليل الذي يفيد قبول قوله من دون قيام البيّنة من طرفه ، يرجع إلى أنّ قوله حجّة ، فلا يكون من المدّعي بالمعنى المراد من المدّعي والمنكر في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « البيّنة على المدّعي ، واليمين على من أنكر » (١) وهو أن يكون قوله مخالفا للحجّة الفعليّة ، بل يكون بمنزلة المنكر في أنّ قوله مطابق للحجّة الفعليّة ، بل هو المنكر حقيقة بناء على ما عرّفنا المنكر بأنّه عبارة عمّن يكون قوله مطابقا للحجّة الفعليّة.
إن قلت : أليس يقال المدّعي؟
قلنا : إطلاق المدّعى عليه من قبيل إطلاقه على ذي اليد باعتبار معناه اللغوي ، أي مطلق من يدّعي ، وإن كان دعواه موافقا للحجّة الفعليّة.
الثالث : الإجماع على أنّ كلّ مدّع يسمع قوله ولا يطالب بالبيّنة فعليه اليمين ، وذلك مثل الأمين إذا ادّعي التلف يقبل قوله ولا يطالب بالبيّنة ، إلاّ أنّ عليه اليمين ، ولذلك اشتهر في لسان الفقهاء وفي كتبهم : أنّه ليس على الأمين إلاّ اليمين.
ثمَّ لا يخفى أنّ المراد من الإجماع في هذه المسألة هو انعقاده على هذه الكلية ، أي كلّ مدّع يسمع قوله ولا يطالب بالبيّنة فعليه اليمين ، فلا يرد على هذا الدليل أنّ تحقّق
__________________
(١) « عوالي اللئالي » ج ٢ ، ص ٣٤٥ ، ح ١١ ، « مستدرك الوسائل » ج ١٧ ، ص ٣٦٨ ، أبواب كيفيّة الحكم ، باب ٣ ، ح ٤.