وخلاصة الكلام : أنّ كلامنا في أنّ كلّ مدّع يسمع قوله ، ولا يطلب منه البيّنة فعليه اليمين ، وليس ذو اليد مدعيا كي يكون من صغريات هذه القاعدة.
فلنتكلّم في الكبريات الأربع :
الأولى : كبرى « كون المدّعي أمينا ». أمّا مصاديق هذه الكبرى : فكلّ ما كان تحت يد شخص بإذن المالك فهي أمانة مالكيّة ، كالعارية ، والوديعة ، والعين المستأجرة ، وغير ذلك من موارد اليد المأذونة من قبل المالك ، أو بإذن الشارع فهي أمانة شرعيّة كاللقطة ، وما في يد القيّم للصغار أو المجانين من أموالهم ، وما في يد الحاكم الشرعي من أموال الغيّب والقصر ، والحقوق الشرعيّة التي تعطى للحاكم الشرعي لأن يصرف في مصرفها ، من الأخماس والزكوات والصدقات الواجبة غير الزكاة كالكفارات وردّ المظالم ، إلى غير ذلك ممّا هو وظيفة الحاكم الشرعي حفظها أو صرفها فيما يلزم صرفها فيها.
ومن هذا القبيل الأوقاف التي لم يجعل لها متولّ ، أو مجهول توليتها ، فجميع ذلك ـ في يد الحاكم أو وكيله أو المنصوب من قبله ـ أمانة شرعيّة ، أي يكون تحت يده بإذن الشارع ، وفي كلا القسمين ليست اليد يد ضمان ، فلا ضمان إلاّ مع التعدّي والتفريط.
وأمّا وجه سماع قول الأمين وعدم مطالبته بالبيّنة ، فمن جهة ما تقدّم منّا وذكرناه من أنّ التلف عنده لا يوجب الضمان. لأنّ مدرك الضمان في باب التلف إمّا اليد غير المأذونة ، أو خيانته بالتعدّي أو التفريط. وفي الحقيقة هذا أيضا يرجع إلى أنّه بالخيانة ليست يده مأذونة ، فيكون ضمانه ضمان اليد.
نعم لو كان إتلاف في البين يكون هو سببا وموجبا للضمان ، ولكن حينئذ يكون الطرف مدّعيا للإتلاف وهو منكر ، فيتوجّه عليه اليمين.