أحد منهم ، بل كلّ واحد من الفقهاء قدسسرهم يقبل هذا التعليل ولا يستشكل عليه ولا يطلبون من القائل الدليل عليه ، فيكون من الكبريات المسلّمة عندهم.
وفيه : أنّه ممنوع صغرى وكبرى. أمّا الصغرى : فمن جهة أنّ قولهم هذا في بعض الموارد لا يدلّ على اتّفاقهم على هذه الكبرى الكليّة.
وبعبارة أُخرى : التعليل إذا كان في آية أو رواية ، أي كان في كلام من يجب اتّباعه ، فيجب الأخذ بظاهره ، فإذا كان ظاهرا في العموم يجب الأخذ بذلك الظهور والحكم بعموم التعليل. وأمّا لو كان في كلام من ليس كلامه حجّة ، فلا بدّ من وجود دليل على وجوب الأخذ بظاهر ذلك الكلام ، والمفروض أنّه ليس هاهنا دليل إلاّ الإجماع ، فلا بدّ أن يكون نفس هذا التعليل ـ أي : عنوان « لأنّه لا يعلم إلاّ من قبله » ـ معقدا للإجماع ، وإثبات هذا الاتّفاق في غاية الإشكال.
ثمَّ على تقدير ثبوته يرد عليه ما ذكرنا مرارا أنّ مثل هذا الاتّفاق ليس كاشفا قطعيا عن رأيهم عليهمالسلام لاحتمال أن يكون منشأ اتّفاقهم هو بعض ما ذكروه من الأدلّة على قبول دعوى التي لا تعلم إلاّ من قبل مدّعيها ، فلا يكون من الإجماع المصطلح في الأصول الذي قلنا بحجّيته.
الثاني : الحكمة أنّ حكمة جعل القضاء والقاضي هو رفع التشاجر والمخاصمة بين الناس وحسم النزاع ، فإذا كان دعوى المدّعي لا يعلم إلاّ من قبله ، فلا يمكن له إقامة البيّنة عليه ، لأنّ المفروض أن غير المدّعي لا يعلمه كي يشهد به ، ولا يمكن لخصمه المنكر أن يحلف ، لأنّ المفروض أنّ الخصم المنكر لا يعلم به ولا حلف إلاّ عن بتّ ، فيبقى القضاء بلا ميزان ، ولا يرفع المخاصمة.
أقول : وهذا الوجه ممّا يمكن الركون إليه.
لايقال : هذا الوجه صحيح فيما لا يمكن إقامة الشهود والبيّنة المعتبرة للمدّعي ، وموارد سماع دعوى من لا يعلم ما يدّعيه إلاّ من قبله ـ كما ذكروا ـ ليست منحصرة بما