ومعاملة ، وأيضا على كلّ إيقاع ، ولعلّ هذا هو المراد من قولهم : إنّ الأصل في المعاملات الفساد ، ولا مخرج عن هذا الأصل إلاّ أن يأتي دليل على الصحّة وترتيب الأثر.
فيقال : إنّ العقود والمعاملات المشروعة ـ وكذا الإيقاعات المشروعة ـ إذا كانت متعلّقة للقصد والإرادة ، بمعنى أنّ الآثار المترتّبة على ذلك العقد شرعا كانت مقصودة للعاقد ، وقبول الطرف بذلك النهج ، فالدليل الدالّ على صحّة ذلك العقد وتلك المعاملة يدلّ على لزوم ترتيب تلك الآثار.
وأمّا لو لم تكن مقصودة فيشكّ في لزوم ترتيب تلك الآثار ، فمقتضى الأصل عدم لزوم ترتيب تلك الآثار ، بل عدم جوازه.
وفيه : أنّ القصد والإرادة إن كان دخيلا في تحقّق عنوان تلك المعاملة ، فلا يشمله دليل الإمضاء ، وذلك لعدم تحقّق موضوعه ، وهذا من أوضح الواضحات ، ولا يحتاج إلى إقامة البرهان عليه. وإن لم يكن دخيلا فيه فأدلّة الإمضاء تشمله ، ويجب ترتيب الأثر على ذلك العقد أو الإيقاع ، سواء قصد أو لم يقصد.
الثالث : أنّ العقد الذي هو عبارة عن العهد المؤكّد ـ كما ذكره اللغويّون ـ من الأمور القلبيّة ، والصيغة بأيّ لفظ كان آلة لإنشاء ذلك المعنى القلبي في عالم الاعتبار ، مثلا عقد النكاح عبارة عن أنّ المرأة تتعهّد في قلبها أن تكون زوجة لفلان بمهر كذا وبشرط كذا ، إن كان لها في هذا الأمر شرط أو شروط ، ثمَّ هي أو وكيلها تنشأ ذلك الأمر القلبي ـ أي كونها زوجة لفلان بمهر كذا وشرط كذا ـ في عالم الاعتبار بأيّ لفظ كان ، أو بألفاظ مخصوصة حسب الجعل الشرعي ، وأنّه اعتبر لفظ خاصّ أو بلغة مخصوصة كما ادّعى الإجماع في عقد النكاح أنّه يجب أن يكون باللغة العربيّة.
فإذا كان الأمر كذلك فيتّضح وجه كون العقود تابعة للقصود ، لأنّه لو كان المراد من العقد في هذه الجملة هو ذلك الأمر القلبي ـ كما عرّفه اللغويّون بأنّه العهد المؤكّد ـ فهو عين القصد المتعلّق بأمر ، كزوجيّتها لفلان ، أو ملكيّة ماله الفلاني لفلان بعوض