كليهما ، أو في أحد المتعاقدين أو في كليهما ، ولم يكن طبقها إنشاء ، أو أنشأ أمرا ولم يتعلّق به قصد ، فذلك لا يوجد في عالم الاعتبار التشريعي ، بل لا بدّ من اجتماع كلا الأمرين : القصد والإنشاء بعد الفراغ عن مشروعيّتها.
فمن الموارد الواضحة لهذه القاعدة ما ذكره شيخنا الأعظم قدسسره في بيع المعاطاة ـ قبال قول القائلين بالإباحة ـ : أنّه لا شبهة في أنّ المتعاملين لم يقصدا الإباحة المجرّدة ، وإنّما قصدهما تمليك العوضين ، كلّ واحد منهما ما هو ملكه للآخر عوض ما يتملكه منه ، فكيف يمكن أن لا يقع ما قصداه ويقع ما لم يقصداه؟ (١)
وما قيل في توجيه هذا الأمر ـ أي : تحقّق الإباحة بالتعاطي الخارجي ، مع قصد المتعاملين تمليك ماله للآخر بعوض تملّك مال ذلك الآخر ـ من أنّ هذه الدعوى مركّبة من أمرين :
أحدهما : عدم حصول الملك لكلّ واحد منهما لما أخذه بالمعاطاة.
ثانيهما : حصول إباحة جميع التصرّفات فيما أخذه حتّى التصرّفات المتوقّفة على الملك.
أمّا الأوّل ـ أي : عدم حصول الملك لكلّ واحد منهما وإن قصداه ـ فلأنّ صرف قصد التمليك ليس من الأسباب الملكيّة ، بل لا بدّ من إنشائه في عالم الاعتبار بلفظ يكون ظاهرا في التمليك ، وليس صرف الإعطاء والأخذ سببا للتمليك والتملّك.
وبعبارة أخرى : يكون داخلا تحت أحد عناوين الملكيّة ، من بيع أو صلح أو هبة أو غير ذلك.
وأمّا الثاني ـ أي : حصول الإباحة مع عدم قصدهما لها ـ فلأنّ الإباحة المجرّدة عن الملكيّة من العناوين الثانويّة التي تترتّب على الفعل الصادر عنه بعنوانه الأوّليّ
__________________
(١) « المكاسب » ص ٨٥.