المحرّمة ، وطريق إثباتها أمّا العلم أو البيّنة ، فتدلّ الرواية على أنّ البيّنة مثل العلم طريق مثبت للموضوعات ، فيترتّب عليها أحكامها مطلقا ، حرمة كانت أو غيرها ، وهو المطلوب.
وبناء على ما ذكرنا فلا يبقى مجال لأن يقال : غاية ما تدلّ عليه هذه الرواية هو حجّية البيّنة فيما إذا قامت على الحرمة ، فلا يقتضي حجّيتها على الموضوع فضلا عن عمومها لجميع الموضوعات ، لما عرفت من دلالة هذه الرواية على أنّ البيّنة مثبتة للموضوعات مثل العلم ، فكما أنّ العلم مثبت لجميع الموضوعات فكذلك البيّنة ، ولا فرق بينهما إلاّ أنّ طريقيّة العلم ذاتيّة وجدانيّة ، وطريقيّة البيّنة جعليّة تعبّديّة وإمضاء لبناء العقلاء على حجّيتها.
فلا يحتاج إلى أن يتكلّف بأنّ قيام البيّنة على الحرمة أعمّ من أن تكون الحرمة مدلولا التزاميّا أو مطابقيّا لما قامت عليه ، فإذا قامت على موضوع محرّم ـ كالسرقة ، أو كون المرأة أختا له أو رضيعته ، أو كونه حرّا فبيع ، وما شابهها ـ فقد قامت على الحرمة التزاما ، ثمَّ بعدم القول بالفصل بين مثل هذه الموضوعات وغيرها ممّا ليس حكمها الحرمة يتمّ المطلوب ، أي عموم حجّيتها على جميع الموضوعات ، والإنصاف أنّ هذا يشبه الأكل من القفا.
الثاني : من أدلّة حجّيتها هو الإجماع. وادّعته جماعة ، وفي الجواهر نفي وجدانه للخلاف في إثبات النجاسة بها ، ولم ينقل الخلاف إلاّ من القاضي بن البرّاج ، وظاهر عبارة الكاتب والشيخ قدسسره.
قال في الجواهر : بل لا أجد فيه خلافا إلاّ ما يحكى عن القاضي وعن ظاهر عبارة الكاتب والشيخ ، ولا ريب في ضعفه (١).
ولا ريب في أنّ المتتبّع في كلام الأصحاب يجد تسالمهم على إثبات كلّ موضوع
__________________
(١) « جواهر الكلام » ج ٦ ، ص ١٧٢.