إنشاء نفس الزوجيّة من دون احتياجها إلى شيء آخر ، وليست حقيقتها مركّبة من هذا الاعتبار وعدم ذكر الأجل ، بمعنى أنّها ليست بشرط لا ، كي تكون مركّبة من أمر وجودي وأمر عدمي ، أي العلاقة والارتباط الاعتباري وعدم كونها موقّتة ، كما توهّم هذا التركيب في الوجوب.
فقالوا بأنّه عبارة عن طلب الفعل مع المنع من الترك ، وبيّنّا خطأهم في كتابنا « منتهى الأصول » (١) وقلنا إنّ الوجوب عبارة عن نفس طلب الشيء من دون أيّ قيد عدمي أو وجودي آخر ، غاية الأمر بعد طلب الشيء إذا صدر إجازة الترك من الشارع فيقال : إنّه مستحب ، وإلاّ فطبع نفس الطلب يقتضي الوجوب وعدم جواز الترك بحكم العقل بلزوم إطاعة المولى ، فلا يحتاج الوجوب إلى مئونة زائدة على نفس الطلب ، والذي يحتاج إلى مئونة زائدة هو الاستحباب.
ولذلك قلنا في الأصول إنّ إطلاق الصيغة يقتضي الوجوب ، وإلاّ لو كان راضيا بالترك كان عليه البيان ، وما نحن فيه من ذلك القبيل عينا ، أي : الزوجيّة الدائميّة لا تحتاج إلاّ الى إنشائها من قبل من له أهليّة ذلك ، من دون احتياجها إلى مئونة زائدة على ذلك ، من قيد عدم كونها موقّتة ، بخلاف الزوجيّة الموقّتة التي يقال لها المتعة والمنقطعة ، فإنّها تحتاج إلى ذكر الأجل ، فإذا لم يذكر الأجل لم تقع الزوجيّة الموقّتة في مقام الإنشاء ، وإرادتها بدون الإنشاء قلنا إنّها لا أثر لها.
فعدم وقوع الزوجيّة الموقّتة يكون مقتضى القاعدة ، وأمّا وقوع الدائمة فلأنّه قصد الزوجيّة على الفرض ، غاية الأمر كان له قصد آخر ، وهو أن تكون موقّتة لكن إنشاء وقع على طبق أحد القصدين ، أي قصده لأصل الزوجيّة ، دون قصده الآخر أي كونها موقّتة ، فذلك القصد الآخر الذي لم يقع الإنشاء على طبقه يبقى لغوا وبلا أثر أصلا.
فليس فتوى المشهور بحصول الزوجيّة الدائمة مخالفا لهذه القاعدة. وإن شئت
__________________
(١) « منتهى الأصول » ج ١ ، ص ١١٢.