ذي حكم شرعي بها ، فإنّهم يعترفون بثبوت النجاسة والطهارة والقبلة والوقت للصلاة ، وأسباب التحريم في باب النكاح من النسب والرضاع ، وثبوت الوكالات للأشخاص وعزلهم والوصايا إلى غير ذلك من الموضوعات أو الأحكام الجزئية بها ، من غير نكير لأحدهم في إثبات هذه الأمور بها إلاّ الشاذّ الذي لا يعبأ بخلافه ، بل المخالف الشاذّ أيضا لا يخالف إلاّ في بعض الموارد الجزئيّة بجهة أخرى غير إنكار حجّية البيّنة ، بل يدّعي مثلا أنّ ارتفاع الطهارة لا يكون إلاّ بالعلم بالنجاسة ، لأنّ طهارة المشكوك مغيّاة بالعلم بالخلاف والبيّنة ليست بعلم.
وإن كان هذا الكلام باطلا ، لأنّ أدلّة حجّية البيّنة ، بل الاستصحاب ، بل كلّ حجّة شرعيّة على النجاسة كإخبار ذي اليد ، أو خبر العدل الواحد ـ لو قلنا بحجيّته ـ تكون حاكمة على قاعدة الطهارة.
والحاصل : أنّ الفقهاء لا يزال يستدلّون على ثبوت الموضوعات التي لها أحكام بقيام البيّنة عليها ، ولا ينكر على المستدلّ بها أحد منهم إلاّ المناقشات في تحقق البيّنة وفي جهات أخر غير جهة حجّيتها.
نعم هاهنا مطلب آخر ، وهو أنّه تقدّم منّا مرارا في هذا الكتاب أنّ هذه الإجماعات ليست ممّا هو مصطلح الأصولي التي ثبتت هناك حجّيتها ، لاحتمال اعتماد المتّفقين بل الاطمئنان بأنّهم اعتمدوا على بعض هذه المدارك المذكورة أو على كلّها.
نعم هذا الاتّفاق والتسالم منهم يؤيّد ما استظهرنا من رواية مسعدة بن صدقة (١) من مفروغيّة حجّية البيّنة ، وأنّها مثل العلم في إثبات موضوعات الأحكام بها.
الثالث : من أدلّة حجّيتها في جميع الموضوعات الروايات :
منها : ما هو المروي في الكافي والتهذيب عن عبد الله بن سليمان ، عن الصادق عليهالسلام
__________________
(١) تقدّم في ص ١١ ، رقم (٢).