الجهة الثانية
في بيان مدرك هذه القاعدة
وهو أمور :
الأوّل : الإجماع ، فإنّهم ـ إذا ظهر أنّ بعض المبيع مثلا ممّا لا يملك ، أو ظهر أنّه ممّا لا يملكه البائع ـ يقولون بصحّة البيع بالنسبة إلى ما يملك ، أو بالنسبة إلى ما يملكه ، وعدم صحّته بالنسبة إلى ذلك البعض الآخر أي البعض الذي لا يملكه ، أو يكون ممّا لا يملك.
واستدلّوا لهذا التفصيل بهذه القاعدة ، أي يقولون بأنّ الصحّة في البعض وعدمها في البعض الآخر تكون لأجل انحلال العقد إلى عقدين : أحدهما صحيح لأجل وجود جميع شرائط الصحّة فيه ، والآخر باطل أو موقوف على إجازة المالك لأجل عدم اجتماع جميع شرائط الصحّة ، فهم يتمسّكون بهذه القاعدة من غير نكير من أحدهم لهذا الاستدلال ، وهو كاشف عن اتّفاقهم على صحّة هذه القاعدة ، واتّفاقهم على ذلك يكشف كشفا قطعيّا عن تلقّيهم هذا الأمر ـ أي : صحّة هذه القاعدة ـ عن المعصومين عليهمالسلام.
وفيه : ما ذكرنا مرارا من أنّ هذه الإجماعات التي ادّعيت في أمثال هذه المقامات ليست من الإجماعات التي اصطلحنا في الأصول على حجّيتها ، لاحتمال أن يكون مدركهم في هذا الاتّفاق أحد الأمور الآخر ممّا ذكروها مدركا لهذه القاعدة ، ومع هذا الاحتمال ينسدّ باب القطع بل الاطمئنان بأنّ اتّفاقهم مسبّب عن رأي الامام عليهالسلام ، فلا يفيد مثل هذا الإجماع في كونه دليلا لمثل هذه القاعدة.
الثاني : بناء العرف والعقلاء في معاملاتهم أنّ المبيع مثلا إذا كان بعضه ممّا لا يملك وليس بمال عندهم ، أو ظهر كونه ملكا للغير ، على أنّ تلك المعاملة صحيحة بالنسبة إلى ذلك البعض الذي ليس ملكا للغير ، وأيضا ليس ممّا لا يملك بل هو مال عندهم ، ويكون لنفس البائع أو لمن أذن له أن يبيعه أو يكون لمن هو وليّ عليه.