والسرّ في ذلك أنّه عليهالسلام جعل البيّنة طريقا ومثبتا لما قامت عليه وكاشفا له بحيث لا يبقي مع وجودها للمدّعي اعتبار ليد المنكر في قبالها.
ومنها : قوله عليهالسلام : « إذا شهد عندك المسلمون فصدّقهم » (١). وحكي أيضا : « إذا شهد عندكم المؤمنون فاقبلوا » (٢).
وتقريب الاستدلال بهما ، هو أنّ المراد بالشهادة قيام البيّنة على شيء أو أمر فيجب تصديقها أو قبول قولهما.
وفيه : أنّ ظاهرهما على فرض أن يكون المراد من التصديق والقبول ترتيب الأثر على قولهم ولزوم العمل على طبق مقالتهم ، حجّية خبر كلّ مؤمن ومسلم ، سواء أكان عادلا أم لا ، وسواء أكان واحدا أم كان المخبر متعدّدا. وبعبارة أخرى : مفادهما حجّية خبر كلّ فرد من أفراد المسلمين أو المؤمنين الذي معلوم عدمها.
نعم ربما يقال بحجّية خبر كلّ ثقة في الموضوعات أيضا مثل الأحكام ، ولكنّه بهذا العموم لم يقل به أحد.
والحقّ ، أنّ هاتين الروايتين على فرض صحّة سندهما ، مفادهما مفاد قوله تعالى :
( يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ ) (٢) فيكون المراد منهما ما قيل في تفسير الآية من القبول الصوري وعدم تكذيبهم والإنكار عليهم ، أو بعض مراتب التصديق النفسي فيما ينفعهم أو غيرهم ولا يكون مضرّا لغيرهم ، لا ترتيب الآثار الواقعيّة على ما أخبروا به وإن كان يضرّ غيرهم.
الرابع : الآيات :
__________________
(١) « الكافي » ج ٥ ، ص ٢٩٩ ، باب في حفظ المال وكراهة الإضاعة ، ح ١ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٢٣٠ ، أبواب كتاب الوديعة ، باب ٦ ، ح ١. وفيهما : « المؤمنون » بدل « المسلمون ».
(٢) لم نجده في وسائل الشيعة وبحار الأنوار ومستدرك الوسائل.
(٣) التوبة (٩) : ٦١.