أهل الدين ، فجميع الملل والعقلاء يرون شهادة شخصين ـ غير متّهمين ولا معروفين بالكذب ولا مغرضين بالنسبة إلى المشهود عليه ـ طريقا مثبتا ؛ لما قامت عليه في أحكامهم العرفيّة بالنسبة إلى جميع الموضوعات.
والحاصل : أنّ كون شهادة شخصين بالقيود التي عندهم من الأمارات العرفيّة وطريقا مثبتا لأيّ موضوع تعلّقت به من المسلّمات عندهم ، وعليها ـ أي حجّية البيّنة في إثبات جميع الموضوعات التي لها آثار عندهم ـ استقرّت سيرتهم في معاملاتهم ومعاشراتهم وسياساتهم ولم يرد ردع من قبل الشارع ، بل وردت إمضاءات من قبل الشارع على العمل على طبقها ، وهي موارد الأخبار الكثيرة المتقدّمة ، بل يمكن ادّعاء جريان سيرة المتشرّعة بما هم متشرّعة على حجّيتها.
نعم خصّصت هذه القاعدة في موارد ، مثل شهادتهما على الزناء واللواط وأمثالهما ممّا لا يكتفي بشهادة الاثنين ، بل ثبوتهما يحتاج إلى شهادة أربع من العدول ، وكالشهادة على الميّت بكونه مديونا بكذا ، فإنّها ـ أي البيّنة ـ لا تقبل إلاّ مع ضمّ يمين المدّعي إليها ، وكشهادتهما على النفي بناء على عدم قبول بيّنة النفي ، وكبيّنة المنكر المسمّى ببيّنة الداخل بناء على اختصاص هذه الوظيفة بالمدّعي ، وغير ذلك.
فهذه قاعدة شرعيّة قابلة للتخصيص كسائر العمومات الصادرة من الشارع ، فيجب الأخذ بها والعمل على طبقها إلاّ أن يرد دليل وحجّة من قبله على التخصيص. وإذا حصل الشكّ في مخصّصية شيء يؤخذ بأصالة العموم ، كما هو الحال في سائر الموارد.
ثمَّ إنّ هاهنا أمور ينبغي أن يذكر
[ الأمر ] الأوّل : في أنّه بعد ما عرفت من عموم حجّية البيّنة في كلّ موضوع ، فاعلم : أنّه لا بدّ وأن يكون له أثر شرعي ، لأنّه إذا لم يكن له أثر شرعي لا معنى للتعبّد