المصلحة والمفسدة في ذلك الفعل الذي نسمّيه بالمسبّب ، لا مؤثرات حقيقيّة.
ولكن هذا التفصيل لا وجه له ، لأنّه على كلا التقديرين يمكن التداخل وعدم التداخل ، لأنّه على تقدير أن تكون مؤثّرات في وجود المصلحة والمفسدة يمكن أن يكتفي ـ مثلا بغسل أو وضوء واحد عند اجتماع أسباب متعدّدة ، كما أنّه بناء على أن تكون معرّفات يمكن أن يكون هذا السبب مثل البول في كلّ وجود له معرّفا لوجود مصلحة في وجود فرد آخر من طبيعة الوضوء ، أو الغسل كذلك بالنسبة إلى أسبابه.
هذا ، مضافا إلى أنّ هذه الأسباب والشرائط مرجعها إلى قيود الموضوع مثلا السرقة ليست سببا للقطع ، بل السرقة من قيود موضوع وجوب قطع اليد ، لأنّ موضوع وجوب قطع اليد هو الإنسان المقيّد بكونه سارقا ، كما أنّ موضوع وجوب الحجّ هو الإنسان المقيّد بكونه مستطيعا ، ولا شكّ في أنّ الموضوع وقيوده ليس علّة للحكم ولا معرّفا له.
فهذا الكلام ـ أي القول بأنّ الأصل عدم التداخل إن كانت هذه الأسباب والشرائط علل ومؤثّرات حقيقيّة ، والتداخل إن كانت معرّفات ـ لا أساس له ، لأنّها من قيود الموضوعات ، لا علل للأحكام ، ولا معرّفات لها.
الثالث : ربما يتوهّم التنافي بين قولي المشهور ، فهاهنا يقولون بأصالة عدم تداخل الأسباب ، ونتيجة هذا القول هو تعدّد المسبّبات عند تعدّد الأسباب ، وأيضا يقولون فيما إذا تعلّق الطلب بفعل ـ أي بطبيعة ـ مرّتين ، كما إذا قال : صم يوما ، ثمَّ قال ، أيضا : صم يوما ، أو قال : أكرم عالما ، ثمَّ قال ، أيضا : أكرم عالما ، وهكذا في سائر المقامات التي يتعلّق الطلب بطبيعة مرّتين أو مرّات بأنّ ما بعد الطلب الأوّل تأكيد له ، مع أنّ الطلب سبب للتكليف ، فإذا تعدّد يجب تعدّد التكليف ولزوم إيجاد المكلّف به متعدّدا بمقدار عدد الطلب.
فقولهم بأنّ ما بعد الطلب الأوّل تأكيد له وكفاية صوم يوم واحد وإكرام عالم