بواحد منها؟ وعلى هذا الأخير ذكرناها في القواعد الفقهيّة.
وخلاصة الكلام : أنّ جهة بحثنا عن هذه القاعدة هو أنّ الموارد التي ذكر الشارع أسباب متعدّدة لحكم من الأحكام ـ وقد ذكرنا جملة كثيرة منها ـ هل يجب في تلك الموارد إيجاد مسبّبات متعدّدة بعدد الأسباب ، أم لا يجب إلاّ إيجاد واحد منها؟ كما أنّهم يذكرون في باب الغسل أنّه إذا تعدّدت الأسباب سواء أكانت من سنخ واحد كما إذا جامع مرارا ، أو من أسناخ متعدّدة كما إذا جامع واحتلم ونظر إلى المصلوب ، هل يكون عليه غسل واحد أم لا بل عليه أغسال متعدّدة بعدد الأسباب التي وجدت.
وهكذا بحثهم في باب الكفّارات وفي باب الحدود لو تعدّد وجوب أسباب الكفّارة ، أو تعدّدت أسباب الحدّ يبحثون في أنّه هل عليه كفّارة واحدة ، وكذلك هل عليه جلد واحد ، أو عليه كفّارات وجلدات متعدّدة بعدد أسبابهما.
الثاني : في أنّه هل هذا البحث ـ في أنّ مقتضى القواعد الأوليّة هو أصالة عدم التداخل وأنّ تعدّد السبب يوجب تعدّد المسبّب ، أم لا ـ مختص بما إذا وجد السبب الثاني والثالث وهكذا قبل الإتيان بالمسبّب عقيب السبب الأوّل ، أم لا بل يأتي هذا البحث ولو أتى بالمسبّب عقيب السبب الأوّل ثمَّ وجد السبب الثاني ، وهكذا في الثالث والرابع وما زاد. مثلا لو شرب في نهار شهر رمضان متعمدا مع أنّه صائم ، وكفر مثلا بإطعام ستّين مسكينا أو تحرير رقبة ، ثمَّ أكل فكفّر ، ثمَّ جامع وهكذا ، فيأتي هذا البحث ، أي بحث تداخل الأسباب أو لا؟
الظاهر أنّه لا يجري البحث في هذه الصورة ، وذلك من جهة أنّ المسبّب الموجود قبل هذا السبب المتأخّر لا يمكن أن يكون من آثاره ، بل لا بدّ وأن يكون من آثار السبب الذي وجد قبله ، وإلاّ يلزم تقدّم المعلول على علّته ، أو ـ بناء على ما حقّقناه من أنّ هذه الأسباب والشروط يرجع إلى قيود الموضوع ـ يلزم تقدّم الحكم على الموضوع ، وهو أيضا محال كالأوّل.