الأمر الثاني : في أنّ البيّنة هل هي عبارة عن شهادة رجلين ، وشهادة المرأة خارجة عن البيّنة موضوعا ، أم هي أيضا بيّنة ولكن اعتبر شرعا فيها بدل كلّ واحد من الرجلين امرأتان ، فتكون البيّنة فيما إذا كن شاهدات عبارة عن شهادة أربع امرأة؟
ثمَّ على تقدير كون البيّنة صادقة على شهادتهنّ عرفا ـ غاية الأمر مقيّدة بكون عددهنّ أربع إجماعا ـ فهل يكون مقتضي عموم حجيّة البيّنة حجيّة شهادتهنّ في جميع الموضوعات إلاّ ما خرج بالدليل ـ كثبوت الهلال والطلاق وغيرهما ممّا لا تجوز شهادتهنّ فيها ، لا منفردات ولا منضمات إلى الرجال ، لنصوص وردت في عدم جواز شهادتهنّ فيها ـ أم لا ، بل قبول شهادتهنّ في أي موضوع يحتاج إلى ورود دليل على القبول في ذلك الموضوع ، وإلاّ فمقتضى الأصل عدم القبول ، لا منفردات ولا منضمات ، ولا في باب الدعاوي ومقام المخاصمة ، ولا في غيرها؟
ربما يستشهد لعموم حجيّة شهادتهنّ إلاّ ما خرج بالدليل برواية عبد الكريم بن أبي يعفور ، عن الباقر عليهالسلام ، قال عليهالسلام : « تقبل شهادة المرأة والنسوة إذا كنّ مستورات من أهل البيوتات ، معروفات بالستر والعفاف ، مطيعات للأزواج ، تاركات للبذاء والتبرّج إلى الرجال في أنديتهم ». (١)
وفيه : أنّ ظاهر هذه الرواية أنّه عليهالسلام في مقام بيان شروط قبول شهادة المرأة وأن أي امرأة تقبل شهادتها ، لا في مقام بيان أنّه في أيّ موضوع تقبل ، كي يؤخذ بإطلاقها.
والتحقيق في المقام : أمّا في الأوّل ـ أي في شمول مفهوم البيّنة حسب المتفاهم العرفي لشهادة النساء ، وعدم خروجها عن مفهوم البيّنة موضوعا ـ فالظاهر أنّها ليست بخارجة عنها موضوعا ، بل البيّنة عبارة عن شهادة اثنين ، سواء أكانا رجلين
__________________
(١) « تهذيب الأحكام » ج ٦ ، ص ٢٤٢ ، ح ٥٩٧ ، باب البيّنات ، ح ١ ، « الاستبصار » ج ٣ ، ص ١٣ ، ح ٣٤ ، باب العدالة المعتبرة في الشهادة ، ح ٢ ، « وسائل الشيعة » ج ١٨ ، ص ٢٩٤ ، أبواب كتاب الشهادات ، باب ٤١ ، ح ٢٠.