وقد عرفت ممّا ذكرنا عدم صحّة ما أفاده شيخنا الأعظم قدسسره (١) ـ في آخر هذا الأمر أنّ الشرط من أركان العقد ، بل جزء للثمن أو المثمن ، فلا بدّ من ذكره وإلاّ كان العقد باطلا ـ وأنّ العقد صحيح ، ذكر الشرط أو لم يذكر ، عمل به أو لم يعمل ، تعذّر أو لم يتعذر. نعم في صورة تخلّف الشرط أو تعذّره يرتفع اللزوم ، لأنّ العقد باطل. وهذا هو ما ذهب إليه المشهور ، بل ادّعي عليه الإجماع.
[ الشرط ] التاسع : ربما يقال إنّه من شرائط صحّة الشروط التنجيز. والكلام في اعتبار هذا الشرط في صحّة الشروط تارة : باعتبار نفس الشرط ، وأنّه هل يعتبر في نفس الشرط ـ مع قطع النظر عن العقد ـ التنجيز ، كما أنّه معتبر في نفس العقد ، وأنّ التعليق مبطل ، أم لا؟ وأخرى : باعتبار سارية التعليق إلى العقد ، فيكون العقد باطلا ، فالشرط يبطل بالتبع.
أمّا باعتبار الأوّل ، فتارة المراد من التعليق تعليق الإنشاء ، وأخرى تعليق المنشأ.
أمّا الأوّل ، أي تعليق الإنشاء ، أي كون الجعل والإيجاد معلّقا على أمر ، فهذا غير معقول ، بمعنى تحقّق الإنشاء والإيجاد والجعل معلّقا على أمر غير ممكن ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الإنشاء والجعل تكوينيّا أو كان تشريعيّا.
وبعبارة أخرى : الجعل لا ينفكّ عن المجهول ، والإيجاد عن الوجود ، فبهذا المعنى لا يمكن لا تعليق العقد ولا الشرط ولا غيرهما من الإنشاءات ، والإنشاء في التشريعيّات أيضا أمره دائر بين الوجود والعدم ، فكونه موجودا ومعلّقا غير ممكن.
وأمّا الثاني : ـ أي تعليق المنشأ ـ فهو في التكوينيّات كالإنشاء أيضا غير ممكن ، لأنّ المنشأ التكويني أيضا أمره دائر بين الوجود والعدم ، ولا معنى لأن يكون معلّقا على أمر. وأمّا في الأمور الاعتباريّة والتشريعيّة كالأحكام الشرعيّة مطلقا ، تكليفية كانت أم وضعيّة فالتعليق فيها ممكن ، ففي الجعالة يمكن جعل ملكيّة حمل بعير من
__________________
(١) « المكاسب » ص ٢٨٣.