الغير إلا لما ذكرنا من الوجوه ، كما أنه لو كان لنفسه فلا يعترف إنه لغيري ، لعدم الداعي إلى ذلك في الغالب.
نعم قد يتفق له الداعي على إقراره بما هو ضرر عليه مع أنه على خلاف الواقع ، ولكن هذا القسم شاذ قليل الوجود ، ولو لم يكن موجودا أصلا لكان الإقرار على النفس موجبا للعلم بصحة ما أقر به ، ولكن وجود هذا القسم من الإقرار على النفس اتفاقا صار سببا لأن يكون من الأمارات الظنية القوية ، ولذلك العقلاء بنوا على حجيته.
ألا ترى أن أحدهم لو اتهم بسرقة أو جناية أو غصب أو غير ذلك ـ مما يكون الإقرار به ضررا على نفسه ـ لو أقر واعترف بذلك ، لا يتردد أحد في تصديقه وقبول قوله وصدور هذه الأفعال عنه ، فإذا أنكر شخص آخر صدور هذه الأفعال عنه يقال له : كيف تقول إنها لم يصدر عنه ، وهو بنفسه أقر واعترف بذلك؟! ولعل هذا مضمون كلام أبي عبد الله جعفر الصادق عليهالسلام في مرسل عطار : « المؤمن أصدق على نفسه من سبعين مؤمن عليه » (١).
ولذلك ترى أن القضاة والحكام من جميع الملل والأقطار والأمصار في جميع الأعصار ، يعدون اعتراف الجاني والسارق والقاتل بهذه الأمور من أقوى المدارك لصدور هذه الأفعال عنه ، ولم يردع الشارع عن هذه الطريقة ، بل أمضاها كما يمر عليك دليل الإمضاء في الأمور الآتية.
وإذا أردت أكثر من هذا أدلة الإمضاء فراجع كتاب القصاص والحدود والديات من كتب الحديث التي ألفها العامة والخاصة.
الثاني : الإجماع من كافة علماء الإسلام ، وعدم الخلاف من أحدهم في حجية
__________________
(١) « صفات الشيعة » ص ٣٧ ، « وسائل الشيعة » ج ١٦ ، ص ١١٠ ، أبواب كتاب الإقرار ، باب ٣ ، ح ١.