إقرار العقلاء على أنفسهم ، ونفوذه في الجملة بطور الموجبة الجزئية.
ولكن أنت خبير بأنّ هذا الإجماع والاتفاق الظاهر أنه ليس اتفاقا وإجماعا تعبديا من جهة تلقيهم هذا الحكم من المعصوم عليهالسلام ، بل من جهة أنهم يرونه طريقا عند العقلاء مثبتا لما أقر به ، ولم يردع عند الشارع بل أمضاها ـ كما ذكرنا ـ فليس من الإجماع المصطلح ، كما نبهنا عليه مرارا.
الثالث : الأخبار ، وعمدتها الحديث المشهور بين الفريقين ـ وقد عبر عنه صاحب الجواهر قدسسره بالنبوي المستفيض أو المتواتر (١) ، ولا يبعد تواتره لاتفاق الفريقين على نقله والاستدلال به في الموارد الخاصة ـ وهو قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إقرار العقلاء على أنفسهم جائز » (٢). وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « قولوا الحق ولو على أنفسكم » (٣).
أما قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « قولوا الحق ولو على أنفسكم جائز » سنتكلم عنه في بيان مفاد القاعدة مفصلا إن شاء الله تعالى.
وأما قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « قولوا الحق ولو على أنفسكم ». فتقريب الاستدلال به أن الأمر ظاهر في الوجوب ، فإذا كان قول الحق واجبا ولو كان على نفسه فيجب قبوله ، وإلا يكون وجوب قول الحق لغوا وبلا فائدة ، فلا بد من القول بوجوب القبول ، وهذا معناه حجية الإقرار على النفس لكونه واجب القبول.
وفيه : أن ظاهر الحديث ـ بناء على ما ذكرت ـ أن قول الحق واجب القبول ، سواء أكان على نفسه أو لنفسه ، أو على غيره ، أو كان لا له ولا عليه ، ولكن بعد ما ثبت أنه قول حق بعلم أو علمي ، وأما أن كل ما يقول ويقر على نفسه فهو قول حق فمن أين؟
__________________
(١) « جواهر الكلام » ج ٣٥ ، ص ٣.
(٢) « عوالي اللئالي » ج ١ ، ص ٢٢٣ ، ح ١٠٤ ، وج ٢ ، ص ٢٥٧ ، ح ٥ ، وج ٣ ، ص ٤٤٢ ، ح ٥ ، « وسائل الشيعة » ج ١٦ ، ص ١١٠ ، أبواب كتاب الإقرار ، باب ٣ ، ح ٢.
(٣) « بحار الأنوار » ج ٧٧ ، ص ١٧٣ ، ب ٧ ، ح ٧. « قل الحق ولو على نفسك ».