ولعله يقول قولا باطلا ، وإقرارا كاذبا على نفسه لجهة من الجهات ، كما أنه يريد إظهار سخاوته ، فيقول : استدنت من فلان مبلغ كذا وقسمته بين الفقراء ، أو يريد إثبات شجاعته فيقول : جنيت على فلان بكذا وكذا.
فالإنصاف أن الحديث لا ربط له بهذه القاعدة ، بل في مقام بيان وجوب إظهار الحق وعدم جواز كتمانه ، وإن كان إظهاره على ضرره.
وأما الأخبار المروية عن الأئمة المعصومين عليهمالسلام فكثيرة جدا ، خصوصا في الموارد الخاصة بصورة القضايا الشخصية ، وتقدم مرسل عطار عن الصادق عليهالسلام :
« المؤمن أصدق على نفسه من سبعين مؤمن ». وظاهره أن شهادة المؤمن على نفسه ـ أي إقراره على نفسه ـ أكشف من شهادة سبعين مؤمن ، وأيضا خبر جراح المدائني عن الصادق عليهالسلام : « لا أقبل شهادة الفاسق إلا على نفسه » (١). وهذا الخبر يدل على نفوذ الإقرار على النفس وإن كان فاسقا ، لأنه لا فرق فيما هو المناط في نفوذ إقراره بين أن يكون فاسقا أو عادلا.
وخلاصة الكلام : أن الروايات الواردة عن أهل بيت العصمة عليهمالسلام في الموارد الخاصة الدالة على نفوذ إقرار كل عاقل على نفسه كثيرة جدا ، ومن راجع كتب الحديث من الفريقين ـ باب القصاص ، وباب الحدود ، وباب الديات ، وباب الغصب ، وباب الإقرار ، وباب القضاء منها وأمعن النظر ـ لا يتأمل في أن ذكر الموارد لأجل تطبيق الكبرى الكلية عليها ، أو لأجل الجواب عن القضايا الشخصية ، وإلا فلا خصوصية لها ، بل الحكم عام ، أي مفاد تلك الأخبار نفوذ إقرار كل عاقل على نفسه في أي مورد كان ، ويكون حكما كليا لإقرارات جميع العقلاء في جميع الموارد.
الرابع : الآيات ، ومنها قوله تعالى :
__________________
(١) « الكافي » ج ٧ ، ص ٣٩٥ ، باب ما يرد من الشهود ، ح ٥ ، « تهذيب الأحكام » ج ٦ ، ص ٢٤٢ ، ح ٦٠٠ ، باب البينات ، ح ٥ ، « وسائل الشيعة » ج ١٦ ، ص ١١٢ ، أبواب كتاب الإقرار ، باب ٦ ، ح ١.