وأما إذا كان الاستثناء في الكلام المنفي ، كما إذا قال : ليس لي من هذه العشرة دراهم إلا درهما ، فيكون المقر به هو تمام هذه التسعة الذي غير المستثنى ، فيكون ما أقر به في الصورتين ـ أي النفي والإيجاب ـ فيما إذا كان إخباره بالنفي والإثبات بحق نفسه على الغير ، عكس ما كان إخباره بهما بحق الغير عليه.
الأمر الرابع : في أن أمارية الإقرار واعتباره لإثبات المقر به هل مخصوص بما إذا كان في قبال من يدعي ما أقر به ، أو يكون أمارة مطلقا وإن لم يكن مدع في البين أصلا؟
وبناء على الأول ، فلو أقر بأن هذه الدار التي في يدي وتحت تصرفي لزيد ، أو ليس لي ، ولم يكن من يدعيها ، فلو أنكر بعد ذلك ما أقره وقال : إنها ليست لزيد ، أو قال : إنها ملكي ، فليس من قبيل الإنكار بعد الإقرار ، وتكون يده أمارة الملكية ، فلو وهبها لشخص أو وقفها أو باعها أو غير ذلك من التصرفات التي تنفذ للملاك في أملاكهم ، تكون هذه التصرفات نافذة ، ولا تأثير لإقراره السابق ، لأنه بناء على هذا التقدير يكون إقراره السابق كالعدم.
وأما بناء على الثاني ـ أي بناء على كونه أمارة مطلقا ، سواء أكان مدع في البين أو لم يكن ـ فإنكاره بعد ذلك يكون إنكارا بعد الإقرار ولا يسمع منه ، وتسقط يده عن الاعتبار بإقراره ، فلا يجوز له أي تصرف ناقل للعين أو لمنفعتها.
هذا فيما إذا لم يدع الملكية الجديدة ، وأما إذا ادعاها ، فإذا كان حصولها غير ممكن ـ من جهة اتصال زمان تصرفه بزمان إقراره للغير ، أو بوقفيته ، أو بشيء آخر لا يمكن حصول الملكية معه ـ فالأمر واضح ، لسقوط يده عن الاعتبار بواسطة إقراره ، ولم يحصل سبب جديد لملكيته على الفرض ، فتكون تصرفاته غير نافذة حسب الأدلة والأمارات.
وأما إذا كان حصولها ممكنا ، فهل يده أمارة على الملكية الجديدة فيما لا علم بعدم