فإذا قلنا بأنّ المدّعي هو من لو ترك ترك ، فالمنكر هو الذي لو ترك لم يترك.
وكذلك إن قلنا بأنّه عبارة عمّن يكون قوله خلاف الظاهر ، فالمنكر من يكون قوله موافقا للظاهر.
وإن قلنا : إنّ المدّعي هو من يكون مفاد قوله إثبات أمر على خصمه ، فالمنكر هو الذي مفاد قوله نفي ذلك الأمر.
وإن قلنا إنّ المرجع في تعيين المراد من المدّعي والمنكر هو العرف ، فالعرف يرى المنكر من ينفي ما يدّعيه المدّعي.
وإن قلنا : إنّ المدّعي من يكون قوله مخالفا لأحد الأمرين ، أي الظاهر أو الأصل ، فالمنكر من لا يخالف قوله أحدهما.
وإذا ظهر لك معنى المدّعي والمنكر والبيّنة واليمين ، فلا يبقى إجمال في المراد من هذه القاعدة وفي مضمون الحديث الشريف.
نعم ينبغي التكلم عن أمور
الأوّل : فيما إذا شكّ في تشخيص المدّعي عن المنكر لأجل عدم إحراز كون قوله مخالفا للحجّة الفعليّة أو موافقا لها ـ سواء أكان منشأ الشكّ هو الشكّ في حجّية ما هو مخالف له يقينا ، أو كان الشكّ في مخالفته له مع حجّيته يقينا ـ فهل يمكن التمسك لإثبات ما يدّعيه بالبيّنة أم لا؟
فيه إشكال لا من جهة الشكّ في عموم حجّية البيّنة ـ وذلك لما أثبتنا عموم حجّيتها في جميع الموضوعات ـ بل من جهة أنّ قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « البيّنة على المدّعي ، واليمين على من أنكر » (١) خصّص ميزانيّة البيّنة في مقام القضاء بالمدّعي ، فإذا شكّ في كونه
__________________
(١) تقدم ذكره في ص ٧١.