لجهة أخرى ـ فلا تسمع.
وأمّا تمسّك القائل بهذا الشرط ولزوم وجود الخصم حين سماع الدعوى بأنّ أدلّة القضاء والحكم وكذلك تعيين الوظيفة لكل واحد من المدّعي والمنكر ، كلّ ذلك في مورد المخاصمة ووقوع النزاع ، ولقطع النزاع والمخاصمة بين الطرفين ، فإن لم يكن نزاع ومخاصمة لا يبقى مورد لسماع دعوى المدّعي والحكم له على طبق بيّنته ، لأنّ هذه الأمور شرعت لدفع المخاصمة وقطع النزاع.
وفيه : أنّه بعد الفراغ عن عموم حجّية البيّنة وجعل المجتهد العادل المتّصف بكذا وكذا حاكما ، وعدم تقييد حكومته بمورد المخاصمة وقطع النزاع وإن كان ذلك حكمة جعله ، فالبيّنة أمارة شرعيّة بالنسبة إلى ما يدّعيه المدّعي ، وكذلك الحكم. فيثبت ما حكم به الحاكم حتّى في الأزمنة المتأخّرة.
نعم لا يجب على الحاكم سماع مثل تلك الدعوى ، والحكم بتلك البيّنة ، لأنّ وجوبها في موارد المخاصمة كما قال.
ومنها : أنّه يشترط في وجوب سماع دعوى المدّعي كون دعواه عن بت وجزم ، فلو كان ادّعاءه بصرف الاحتمال وهما أو شكا بل ولو ظنا لا يقبل ، وحكى في الجواهر عن الكفاية نسبة القول ـ باشتراط وجوب سماع الدعوى بهذا الشرط ـ إلى الشهرة (١) ،
وقيل في وجهه وجوه :
الأوّل : عدم صدق المدّعي عرفا على من لم تكن دعواه عن بتّ وجزم ، وذلك لما ذكرنا في تعريف المدّعي بأنّه من يدّعي ثبوت أمر على خصمه ، ومعلوم أنّ ادّعاء الثبوت غير احتمال الثبوت وإن كان الاحتمال ظنيّا.
الثاني : أنّه لو ادّعى وهما أو شكّا أو ظنّا ، وقلنا بوجوب السماع ، فيجب الحكم
__________________
(١) « جواهر الكلام » ج ٤٠ ، ص ١٥٣ ، « كفاية الأحكام » ص ٢٦٦.