كون الدعوى غير جزميّة وعدم البيّنة لذلك المدّعي.
وأمّا ما اختاره صاحب الجواهر قدسسره خلافا للمشهور في هذه المسألة من إحالته إلى العرف وأنّهم إذا رأوها من الدعاوي المقبولة تقبل ويجب سماعها.
ففيه : أنّه بعد ما حكم الشارع بأنّ البيّنة وظيفة المدّعي ، والحلف وظيفة المنكر ، ففي تشخيص المدّعي والمنكر المرجع هو العرف.
وبعد ما عرفنا أنّ المدّعي عند العرف عبارة عمّن يخبر جزما بثبوت أمر له على خصمه وطرفه ، فإن لم يكن إخباره عن بتّ وجزم ، بل قال : احتمل أن يكون لي علىّ فلان كذا ، فلا يكون مشمولا لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « البيّنة على المدّعي ، واليمين على من أنكر ».ففي مثل هذه الصورة قول العرف ـ بأنّها من الدعاوي المقبولة ـ لا أثر له ، ولا يوجب وجود موضوع وظيفة البيّنة واليمين.
وأمّا ما أفاده أستاذنا المحقّق قدسسره في كتاب قضائه من سماع الدعوى الاحتمالي إذا قام أمارة على تهمة المدّعى عليه ، إذ العرف يسمعون مثلها ، وبناؤهم متّبع ما لم يردعهم الشارع ولم يثبت ذلك ، بل ثبت خلافه ، لخبري حبيب بن بكر ، وخبر أبي بصير الذين تقدّما.
ففيه : أنّ بناء العرف على سماع الدعوى غير الجزمي في مورد اتّهام المدّعى عليه ليس متّبعا شرعا إن لم ينطبق عليها موازين القضاء ، وقد عرفت عدم انطباقها عليها.
وأمّا إمضاء الشارع لبنائهم بتلك الأخبار ، فقد عرفت أنّها أجنبيّة عن مقامنا ، إذ أنّها تدلّ على استحلاف مدّعي التلف مع اتّهامه ، ولا ربط لها باتّهام المدّعى عليه الذي هو محلّ الكلام.
ومنها : تعيين المدّعى عليه ، فلو قال : أحد هذين ، أو أحد هؤلاء الأشخاص مديون لي بكذا ، لا تسمع ، لأنّه لا أثر لهذه الدعوى لو قامت البيّنة ، أو أقرّا بما ادّعى عليهما بنحو الترديد ، إذ ثبوت الحقّ عليهما بنحو الترديد لا يمنع عن البراءة في حقّ كلّ