المفكر عن غيره من العجماوات. وبطبيعة الحال ، فان علوم اللغة وما يتفرع عنها من معارف وحقول ، تمثل قابلية العقل على ترجمة الافكار الخافية الى رموز مسموعة تستفيد منها الانسانية في تعاملها الاجتماعي جيلاً بعد جيل ؛ وان استعداد النفس لتحصيل النظريات والفرضيات ، يساهم في تطوير العلوم التي تخدم مصلحة الانسان. فلو اراد العالِم التجريبي وضع نظرية تتناول حركة الالكترونات في الذرة مثلاً ، فما عليه الاّ ان يفترض افتراضاً نظرياً يتناول فيه حركة تلك الشحنات ، ويفصّلها تفصيلاً نظرياً. ثم يقوم بعد ذلك بتجارب خاصة لاثبات صحة فرضيته ، فاذا تم له ذلك بالتجربة والخطأ تطورت فرضيته القائمة على مجرد الظن الى نظرية قائمة على اساس ثبوت الحقائق. وهذا الاستعداد النفسي في انشاء الافتراض وتحصيل النظرية يرفع العلم التجريبي من المستوى النظري المجرد الى مستوى عال من الدقة التجريبية والمهارة والاتقان.
وخلاصة القول ، فان الانسان العاقل المدرك يحتاج في حياته العملية الى اربعة اصناف من العلوم حتى يستطيع ان يكون عضواً نافعاً فعالاً في النظام الاجتماعي. الاول : علوم اللغة وما يتعلق بها من معارف ، فتعتبر عنصراً اساسياً من عناصر حفظ الاجتماع الانساني وتنميته ، لانه عن طريقها يتم التفاهم والاتصال بين الافراد في النظام الاجتماعي. الثاني : علوم الدين والاخلاق وما يتعلق بهما من معارف ، وهذا العنصر اساسي في استقرار النظام الاجتماعي ونشر العدالة الاجتماعية بين جميع الافراد. الثالث : العلوم النظرية ، وهي النظريات والفرضيات التي يحتاجها الانسان كقاعدة يبني عليها بناءه العلوي في العلوم التجربيبة. الرابع : العلوم