وفي حديث الامام موسى بن جعفر عليهالسلام هذا الذي اختصرناه بما يناسب هذا الكتاب اشارة الى دور العقل والعلم في العبادة والتفكر ومنفعة الناس. يقول الامام عليهالسلام في خطابه لهشام بن الحكم : ( ان الله تبارك وتعالى بشّر اهل العقل والفهم في كتابه فقال : ( فَبَشّر عِبادِ الَّذينَ يَستَمِعُونَ القَولَ فَيَتَّبِعُونَ اَحسَنَهُ اُولئِكَ الَّذينَ هَداهُمُ اللهُ وَاُولئِكَ هُم اُولُوا الاَلبابِ ) (١). ان الله تبارك وتعالى اكمل للناس الحجج بالعقول ، نصر النبيين بالبيان ، ودلّهم على ربوبيته بالادلة ، فقال : ( وَاِلهُكُم اِلهٌ واحِدٌ ، لا اِلهَ اِلاّ هُوَ الرَّحمنُ الرَّحيمُ. اِنَّ في خَلقِ السَّمواتِ وَالاَرضِ وَاختِلافِ الليلِ وَالنَّهارِ وَالفُلكِ التي تَجري في البَحرِ بِما يَنفَعُ النّاسَ ، وَما اَنزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِن ماء فَاَحيا بِهِ الاَرضَ بَعدَ مَوتِها وَبَثَّ فِيها مِن كُلِّ دابَّة وَتَصريفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ المُسَخَّرِ بَينَ السَّماءِ وَالاَرضِ لآيات لِقَوم يَعقِلُونَ ) (٢).
وقد جعل الله ذلك دليلاً على معرفته بان لهم مدبّراً ، فقال : ( وَسَخَّرَ لَكُمُ الليلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمسَ وَالقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأمرِهِ اِنَّ فِي ذلِكَ لآيات لِقَوم يَعقِلُونَ ) (٣). وقال : ( هُوَ الَّذي خَلَقَكُم مِن تُراب ثُمَّ مِن نُطفَة ثُمَّ مِن عَلَقَة ثُمَّ يُخرِجُكُم طِفلاً ثُمَّ لِتَبلِغُوا اَشُدَّكُم ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً
__________________
(١) سورة الزمر : الآية ١٧ ـ ١٨.
(٢) سورة البقرة : الآية ١٦٣ ـ ١٦٤.
(٣) سورة النحل : الآية ١٢.