وتسعين.
وأثر إتيان هذه الصفة الاعتباريّة في عهدة الغاصب أنّه لو رجع المالك إلى الغاصب السابق ، له أن يرجع إلى الغاصب اللاحق ، لأنّه ضامن لضمانه ، فضمان كلّ لاحق في طول ضمان سابقة ، لأنّ ضمان السابق بمنزلة الموضوع لضمان اللاحق.
فلا يمكن أن يكونا في عرض واحد وإن كانا في زمان واحد ، بل لا يمكن أن يكونا في زمان واحد ، لأنّه ما لم يتحقّق الضمان السابق لا تصل النوبة إلى الضمان اللاحق ، فضمان اللاحق متأخّر عن الضمان السابق حتّى زمانا.
وحيث أنّ كلّ واحد من ذوي الأيدي العادية في ذمّته العين ـ إمّا بدون هذه الصفة الاعتباريّة كاليد الأولى ، أو معها كالأيدي المتأخّرة عنها ـ فيجوز للمالك الرجوع إلى كلّ واحد منها بدون أن يكون محذور ضمان المتعدّد للمال الواحد عرضا في البين.
لما عرفت أنّ الضمان وان كان متعدّدا ولكن طوليّ ، وليس ضمانان في عرض واحد ، لما ذكرنا من تأخّر رتبة كلّ ضمان لا حق عن ضمان سابقة.
ولا تتوهّم أنّه يأتي محذور تعدّد الضمان لمال واحد عرضا في هذه الصورة أيضا ، وذلك لأنّ متعلّق الضمان في الضمان الطوليّ في كلّ واحدة من الأيدي غير ما هو متعلّق الضمان في الأيدي الآخر ، لأنّ ضمان اليد الأولى متعلّق بنفس العين ، وضمان الثانية متعلّق بضمان العين في ذمّة اليد الأولى ، وضمان اليد الثالثة متعلّق بما في ذمّة الثانية ، وهكذا في سائر الأيادي اللاحقة بلغت ما بلغت ، فلم يجتمع الضمانان على متعلّق واحد ، وكلّ واحد من الغاصبين يضمن غير ما يضمنه الآخرون ، فلا إشكال في البين.
ولا يخفى أنّ رجوع المالك إلى كلّ واحد من الغاصبين يكون على البدل ، بمعنى أنّه لو رجع إلى أحدهم واستوفى حقّه منه ليس له الرجوع إلى الآخرين ، لأنّه لا يبقى موضوع لرجوعه إلى آخر بعد ذلك ، وهذا مرادنا من قولنا : « على البدل » في الجزء