لعدم بقاء حقّ له.
الثالث : يجوز رجوع كلّ سابق إلى اللاحق إن لم يكن غارّا له ، وأيضا لم يتلف المغصوب عنده ، وإلاّ فمع أحد هذين أو كلاهما فليس له الرجوع إليه.
الرابع : أنّ جواز رجوع السابق إلى اللاحق لا بدّ وأن يكون بعد أداء ما في ذمّته من المثل أو القيمة ، وذلك من جهة ما قلنا إنّ الضمان طولي ، وإنّ اللاحق ضامن للخسارة والبدل الذي يعطيه السابق ويدفعه إلى المالك. وهذا معنى ضمانه لضمانه.
وها هنا تنبيهات
الأوّل : أنّ المالك لو أبرأ أحد الغاصبين وأسقط ما في ذمّة إحدى الأيدي العادية ، هل يسقط عن الجميع ، أو لا يسقط عن غير ما أسقط ما في ذمّته مطلقا ، أو يفصل بين السابق على ما أسقط واللاحق له وأنّه يسقط عن اللاحق دون السابق ، أو بالعكس؟ وجوه.
والأقوى هو سقوطه عن ذمّة الجميع.
بيان ذلك : أمّا سقوطه عن اللاحق فلما ذكرنا أنّ اللاحق ضامن لضمان السابق ، فإذا سقط ضمان السابق فلا يبقى موضوع لضمان اللاحق ، وذلك واضح جدّا. وأمّا سقوط السابق فلأنّ إبراءه للاحق بمنزلة استيفاء حقّه منه ، وحيث أنّ الحقّ واحد ، فلا يبقى للضمان موضوع بالنسبة إلى السابق أيضا.
ولكن الإنصاف أنّ التفصيل قويّ جدّا بين السابق ببقاء ما في ذمّته دون اللاحق ، لانتفاء موضوع ضمانه وهو ضمان السابق عليه الذي أسقط المالك ضمانه بإبراء ما في ذمّته. وأمّا بقاء ضمان السابق على الذي أبرأ عنه فلعدم وجه لسقوطه مع وجود سببه وهو اليد العادية.