[ الأمر ] الثاني : الاستصحاب. ومعلوم أنّ بقاء الوجوب بالنسبة إلى البقيّة ـ أي ما عدى المتعذّر من الأجزاء والشرائط والموانع وجودا بالنسبة إلى الأولين ، وعدما بالنسبة إلى الأخير ـ الذي هو عبارة عن الاستصحاب حيث أنّه مفاد الأصل العملي ، فلا تصل النوبة إليه ، إلاّ بعد فقد إطلاق دليل المركّب وإطلاق دليل القيد ، أي الجزء والشرط وعدم المانع ، إذ مع فرض إطلاق دليل المركّب مع إجمال دليل القيد ، فبقاء الوجوب للبقيّة معلوم بواسطة الإطلاق.
فلا يبقى موضوع لجريان الاستصحاب ، لحكومة إطلاق دليل المركّب عليه ، ومع فرض إطلاق دليل القيد سواء كان إطلاق لدليل المركّب أو لم يكن ، يكون سقوط الوجوب بالنسبة إلى البقيّة معلوما.
أمّا في فرض إجمال دليل المركّب فواضح ، وأمّا في فرض إطلاقه فلحكومة إطلاق دليل القيد على إطلاق دليل المركّب ، فلا مجال لوصول النوبة إلى الاستصحاب ، إلاّ فيما إذا كان دليل المركّب ودليل القيد كلاهما مجملين.
وأمّا إذا كان أحدهما مطلقا ، أو كان كلاهما مطلقين ، فلا تصل النوبة إلى الأصل العملي ، وذلك لحكومة الأمارات التي منها الإطلاقات على الأصول مطلقا ، محرزة كانت أو غير محرزة.
ثمَّ إنّ تقرير الاستصحاب ها هنا من وجوه :
الأوّل : استصحاب بقاء الجامع بين الوجوب النفسي المحتمل الوجود المتعلّق بما عدا القيد بعد تعذّره ، ووجوب الغيري الذي كان متعلّقا بما عدا القيد المتعذّر من باب المقدّمة.
ومعلوم أنّ هذا الوجه مبنيّ على وجوب المقدّمات الداخليّة بالوجوب الغيري ، مثل المقدّمات الخارجيّة.