حدوث الوجوب النفسي الاستقلالي للباقي بعد التعذر.
وفيه : أنّ هذا أيضا أوّلا من القسم الثالث من أقسام الكلّي ، وثانيا أنّه مثبت. ومن كثرة وضوحه لا يحتاج إلى البيان.
الخامس : وهو الذي اعتمد عليه وسليم عن هذه الإشكالات ، وإن ذكرته في كتابنا « منتهى الأصول » بصورة الاحتمال.
وتوضيحه ببيان مقدّمة : وهي أنّ الإرادة إذا تعلّقت بمركّب ، فكلّ جزء من أجزاء ذلك المركّب يقع تحت قطعة من تلك الإرادة ، وليست الإرادة ، وليست الإرادة أمرا بسيطا متعلّقا بالمجموع بحيث يكون وجودها وجودا واحدا غير قابل للانحلال ، بل تنبسط على جميع الأجزاء نحو انبساط البياض ـ مثلا ـ على الجسم المعروض له.
ولأجل هذه الجهة قلنا إنّ المقدّمات الداخليّة ـ أي الأجزاء ـ ليست واجبة بالوجوب الغيري ، بل واجبة بالوجوب النفسي الضمني ، وأيضا لهذه الجهة قلنا بالانحلال في باب العلم الإجمالي بوجوب الأقلّ أو الأكثر ، فإنّ الأقلّ معلوم تفصيلا وجوبه النفسي وكونه تحت الإرادة ، ويبقى كون الزائد تحت الإرادة مشكوكا ، فيكون مجرى البراءة.
وأمّا كون وجوب الأقلّ مردّدا بين أن يكون ضمنيّا أو استقلاليّا ، فأوّلا : لا دخل له بالمقام ، وثانيا : قلنا إنّ الاستقلاليّة مفهوم ينتزع عن وجوبه وعدم وجوب غيره معه ، ولا فرق في كونه واجبا ومتعلّقا للإرادة بين أن يكون معه غيره أو لا يكون.
إذا عرفت هذا فنقول : فما عدى الجزء المتعذّر قطعا كان قبل حدوث التعذّر واجبا وكان تحت الإرادة ، وبعد حدوث التعذّر بالنسبة إلى بعض الأجزاء يشكّ في بقاء تلك القطعة التي كانت متعلّقة بما عدا الجزء المتعذّر ، إذ من المحتمل ارتفاع خصوص تلك القطعة المتعلّقة بخصوص الجزء المتعذّر ـ من باب أنّه تكليف بالمحال إذا كان ذلك الجزء متعذّرا ، أو من باب أنّ التكليف به مناف مع كون الشريعة سمحة