وسهلة إذا كان إيجاد ذلك الجزء متعسّرا ـ لا ارتفاع الإرادة بالمرّة.
ومعلوم أنّ الإرادة بعد التمكّن من إيجاد متعلّقها تابعة للملاك وجودا وعدما ، فيتمّ أركان الاستصحاب من اليقين السابق والشكّ اللاحق ، وهذا الاستصحاب شخصي وليس بكلّي.
ثمَّ لا يخفى أنّ الرجوع إلى الاستصحاب يكون بعد عدم دليل لفظي على لزوم الإتيان بالميسور ، أو أمارة لبيّة كالإجماع ، وإلاّ لو كان إطلاق دليل أو رواية معتبرة أو إجماع على لزوم الإتيان بما عدا الجزء المتعذّر أو عدم لزومه ، فلا تصل النوبة إلى هذا الاستصحاب.
[ الأمر ] الثالث : الإجماع والاتّفاق على أنّ الأمر المتعلّق بمركّب لا يسقط بصرف تعذّر بعض أجزائه أو تعسّره ، بل يكون ما عدا ذلك الجزء المتعذّر باق على مطلوبيّته ووجوبه.
والإنصاف : أنّ الإجماع على هذا العنوان العامّ وإن لم نتحقّقه ، ولكن لا سبيل إلى إنكاره بالنسبة إلى بعض مصاديقه وصغرياته ، خصوصا في مثل الحجّ والصلاة في غير الأجزاء الركنيّة لهما ، ومع ذلك لا يصحّ الاعتماد على مثل هذه الإجماعات التي يمكن أن يكون اتّفاقهم مستندا إلى بعض هذه الأدلّة التي أقيمت في هذا المقام.
[ الأمر ] الرابع : الروايات الواردة في هذه القاعدة :
منها : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في خطبته في الحجّ : « أيّها الناس قد فرض الله عليكم الحجّ فحجّوا » فقال رجل : أكلّ عام يا رسول الله؟ فسكت صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى قالها ثلاثا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم » ثمَّ قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ذروني ما تركتم فإنّما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه » (١).
__________________
(١) « صحيح مسلم » ج ٢ ، ص ٩٧٥ ، ح ١٣٣٧ ، كتاب الحج ، ح ٤١٢ ، (٧٣) باب فرض الحج مرة في العمر ، « سنن النسائي » ج ٥ ، ص ١١٠ ، باب وجوب الحج.