ولا شكّ في أنّ الأوّل يوجب ضعف احتمال التذكية ، فحكم عليهم بلزوم الفحص والسؤال على ذلك التقدير. والثاني يوجب قوّة احتمال تحقّق التذكية ، لأنّ المسلم بعد أن عرف أنّ الصلاة لا يجوز في غير المذكّى ، فإذا صلّى فيه ، فيكون ظاهره أنّه أحرز أنّه مذكّى ، فلا يبقى مجال ومورد للسؤال ، ولذلك نفي السؤال عنه على هذا التقدير.
ففي هاتين الروايتين حكمه عليهالسلام بالصلاة فيه ناظر إلى جهة كشفه ، فبناء على الأصل الذي تقدّم يكون السوق أمارة ، لا أصلا بكلا قسميه من التنزيلي وغير التنزيلي.
[ الجهة ] الخامسة
في نسبة هذه القاعدة مع غيرها من الأدلّة في مقام التعارض
فنقول : أمّا بالنسبة إلى استصحاب عدم التذكية الجارية في المقام لو لم يكن السوق ، فإن قلنا بأنّه أمارة كما هو كذلك ، فيكون حاكما عليه بلا كلام ، كما هو شأن كلّ أمارة بالنسبة إلى كلّ أصل ، ولو كان من أقوى الأصول التنزيليّة.
وأمّا بناء على أنّه من الأصول وأنّه أصل تنزيلي ـ لما بيّنّا أنّ احتمال أنّه أصل غير تنزيلي واضح البطلان فلا ينبغي المصير إليه ـ فأيضا يكون مقدّما عليه ، وإن كان مقتضى القاعدة التعارض والتساقط ، لأنّ كليهما أصلان تنزيليان ، ولا وجه لتقديم أحدهما على الآخر.
ولكنّه في المقام لا بدّ من ذلك ، أي تقديمه على الاستصحاب ، وإلاّ لا يبقى له مورد أصلا ، فيكون جعله لغوا ، فبدلالة الاقتضاء لا بدّ من تقديم السوق على استصحاب عدم التذكية وإن كان مثله أصلا تنزيليّا وفي رتبته.
وأمّا بالنسبة إلى البيّنة فلو قامت البيّنة العادلة على أنّ هذا اللحم ، أو هذا الجلد من غير المذكّى ، أو هذا الحيوان الميّت مات حتف أنفه ، أو ذبح ولكن لم يكن الذبح