وذلك من جهة وقوع الخلاف بينهم في انصراف الأدلّة العامّة عن الصبي ، ولم يقع خلاف في أصل الضمان ، فهذا إجماع يمكن الاعتماد عليه. ولا يرد عليه ما أوردنا على الإجماعات التي ادّعيت في أغلب القواعد الفقهيّة المذكورة في هذا الكتاب.
الثاني : سيرة المتديّنين ، بل العقلاء قاطبة على أنّ الصبي إذا أتلف مال الغير أو غصبه ، فوقع عليه التلف ـ وإن كان التلف في غير يده ـ فهو له ضامن ، بل ربما يقولون بضمانه إن فوّته على المالك وإن لم يقع يده عليه ولا أتلفه ، كما لو حبس حرّا ففوّت عليه منافعه ، خصوصا إذا كان عاقلا ذا شعور وإدراك وفهم حادّ وكان أقلّ من زمان البلوغ بزمان يسير ، ولم يردع الشارع عن هذه السيرة بل أمضاها بإطلاقات الأدلّة العامّة ، كما سنتكلّم عنها وعمّا قيل بأنّها رادعة إن شاء الله تعالى.
الثالث : الروايات والأدلّة العامّة الواردة في أبواب الضمانات والنجاسات والطهارات ، وفي باب إحياء أراضي الموات ، وفي أبواب الديات والحيازات ، فإنّه في جميع الأدلّة عامّة أو مطلقة تشمل البالغ والصبيّ على نهج واحد.
فإنّ قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من أحيا أرضا مواتا فهي له » (١) أو قوله : « من حاز شيئا من المباحات ملكه » (٢) أو قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « وعلى اليد ما أخذت حتّى تؤدّيه » (٣) وأمثال ذلك ممّا يدلّ على جنابة الواطى والموطوء وإن لم ينزل ، ولكن بعد غيبوبة الحشفة في أحد المأتيين (٤). أو ما يدلّ على نجاسة بدن الذي لاقى النجس أو المتنجّس مع الرطوبة (٥).
__________________
(١) « تهذيب الأحكام » ج ٧ ، ص ١٥٢ ، ح ٦٧٣ ، (١) باب أحكام الأرضين ، ح ٢٢ ، « وسائل الشيعة » ج ١٧ ، ص ٣٢٧ ، أبواب إحياء الموات ، باب ١ ، ح ٥ و ٦.
(٢) « جواهر الكلام » ج ٢٦ ، ص ٢٩١.
(٣) تقدم راجع ص ٥٤.
(٤) « الكافي » ج ٣ ، ص ٤٦ ، باب ما يوجب الغسل على الرجل والمرأة ، ح ١ و ٢ ، « تهذيب الأحكام » ج ١ ، ص ١١٨ ، ح ٣١٠ ، (٦) باب حكم الجنابة وصفة الطهارة منها ، ح ١ ، « الاستبصار » ج ١ ، ص ١٠٨ ، ح ٣٥٨ ، (٦٤) باب ان التقاء الختانين يوجب الغسل ، ح ١ ، « وسائل الشيعة » ج ١ ، ص ٤٦٩ ، أبواب الجنابة ، باب ٦ ، ح ١ ـ ٩.
(٥) « الكافي » ج ٣ ، ص ٦٠ ، باب الكلب يصيب الثوب والجسد وغيره. ، ح ١ ،