وأمّا الروايات الواردة في أنّ عمد الصبيان خطأ يحمل على العاقلة فموافق للعمومات ، لا أنّها مخصّصة لها ، لأنّ مفادها أنّ الصبي إذا صدر عنه فعل عن عمد لا يترتّب عليه أثر العمد ، بل يترتّب عليه أثر الخطأ ، فكلّ فعل إذا صدر عن الصبي وكان لصدوره خطأ أثر يترتّب عليه.
وباب الجنايات والديات والجنابة من هذا القبيل ، فإذا وجدت أسباب هذه الأمور ـ وإن كان صدورها منه خطأ ـ تترتّب عليها تلك الأمور ، فالنتيجة ثبوت الأحكام الوضعيّة لغير البالغ أيضا مثل البالغين. وأمّا الروايات التي مفادها توقّف نفوذ أمره على البلوغ (١) فأجنبيّ عن محلّ كلامنا.
[ الجهة ] الثانية
في بيان المراد من هذه القاعدة
فأقول : إنّ الفعل الذي يكون موضوعا لحكم وضعي ـ وقد يسمّى ذلك الفعل سببا لذلك الحكم ، ولكن التحقيق أنّ ذلك الفعل موضوع لذلك الحكم ، وليس سببيّة في البين ، لأنّ سبب الحكم هو الجعل الشرعي ، فالشارع هو السبب الموجد له ، وإنّما موضوع حكمه يكون ذلك الفعل ـ قد يصدر من البالغ وقد يصدر من غير البالغين ، وليس بلوغ الفاعل شرطا لتحقق ذلك الحكم.
مثلا حيازة المباحات ـ كالاحتطاب والاعتشاب ـ موضوع لملكيّة ذلك الحطب وذلك العشب للفاعل ، سواء صدر عن البالغ أو من غيره ، فليس بلوغ من احتطب أو اعتشب شرطا في تحقق ملكيّة ذلك الحطب أو ذلك العشب.
وقد تقدّم الدليل على عدم شرطيّة البلوغ لحصول الحكم الوضعي في الجهة
__________________
(١) تقدم راجع ص ١١٨ ، هامش رقم (١).