تقييد المعاملة ، أو إناطة الرضا بالنقل والانتقال ، أو بأيّ شيء كان مضمون العقد ومفاده بذلك الشرط؟ فيقال : إنّ الشرط إذا كان فاسدا ولا يجب الوفاء به ، بل لا يجوز فيما إذا كان محرّما ، فهل ذلك العقد وتلك المعاملة تكون فاسدة ـ من جهة عدم الرضا بمضمونها ، أو من جهة انتفاء المقيّد بانتفاء قيده ـ أم لا ، إذ لا يلزم محذور؟
وأمّا لو كان الشرط سببا لاختلال أحد أركان العقد ـ أو أحد شرائط العوضين أو المتعاملين ، فهذا لا ربط له بهذه القاعدة.
إذا عرفت هذه الأمور ، فنقول :
الدليل على القول المختار ـ وهو عدم الإفساد مطلقا ـ من وجوه :
الأوّل : إطلاقات أدلّة المعاملات والعقود ، كقوله تعالى ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (١) وغيره من العمومات والإطلاقات الواردة في أبواب المعاملات من العقود والإيقاعات ، ولا يجوز الخروج عنها إلاّ بمخصّص أو مقيّد ، وليس في البين ما يكون صالحا لأن يكون مخصّصا ، أو يكون مقيّدا عدا ما توهّم من إناطة الرضا في العقد المشروط بذلك الشرط المذكور فيه ، ومن بعض الروايات التي ذكروها في مقام إثبات الإفساد ، (٢) ومن أنّ للشرط قسطا من الثمن ، فإذا كان الشرط فاسدا يكون العوض في العقد مجهولا ، لأنّه لا يعلم أيّ مقدار منه بإزاء نفس المبيع مثلا ، وأيّ مقدار بإزاء الشرط.
وسنتكلّم إن شاء الله تعالى عن هذه الأمور الثلاثة مفصّلا في مقام الجواب عن أدلّة القول بالإفساد.
الثاني : الإجماع الذي ادّعاه السيّد أبو المكارم ابن زهرة (٣) قدسسره ولكن فيه على فرض تسليم وجوده لا وجه لحجّيته مع وجود المدارك التي ذكرناها من العمومات
__________________
(١) المائدة (٥) : ١.
(٢) « تهذيب الأحكام » ج ٧ ، ص ٥٩ ، ح ٢٥٣ ، باب البيع بالنقد والنسيئة ، ح ٥٣ ، « وسائل الشيعة » ج ١٢ ، ص ٤٠٩ ، أبواب أحكام العقود ، باب ٣٥ ، ح ١.
(٣) « الغنية » ضمن « الجوامع الفقهيّة » ص ٥٢٤.