هذا ، ولكن الإنصاف أنّه لو قلنا بأنّ الشرط الفاسد يفسد العقد ، فجملة من الأدلّة التي استدلّوا بها يشمل المقام ، خصوصا مسألة الرضا بمضمون العقد ، فلا ريب في أنّ رضا المشروط له بمضمون هذا العقد مقيّد بوجود هذا الشرط ، وذلك لاختلاف الأنظار ، فربما يكون أمر عند نوع العقلاء لغوا ولا يعتنون به ولا يبذلون بإزائه المال ، بل إذا كان في ملكهم وأتلفه الغير لا يرونه ضامنا لعدم الاعتناء به ، ولكن مع ذلك كلّه هناك شخص يهتمّ به كلّ الاهتمام ، ويعتني به كلّ الاعتناء لغرض من الأغراض ، وإن كان ذلك الغرض غير عقلائي لا يعتني به نوع العقلاء.
الأمر الرابع : في الموارد التي خرجت عن تحت الكلّية التي اخترناها ، وهي أنّ كلّ شرط فاسد لا يوجب فساده فساد العقد :
فمنها : ما إذا كان الشرط مجهولا وسرى جهالته إلى أحد العوضين ، فالمعاملة فاسدة ، وإن قلنا بأنّ الشرط الفاسد لا يفسد العقد ، وذلك من جهة أنّه من شرائط صحّة المعاوضة أن يكون العوضان معلومين ، وجهالتهما أو أحدهما موجب لبطلان المعاملة ، لنهيه صلىاللهعليهوآلهوسلم عن بيع الغرر (١).
ومنها : أن يشترط البائع على المشتري أن يبيعه عليه بعد اشترائه ، فهذا البيع فاسد ، حتّى عند القائلين بأنّ الشرط الفاسد لا يفسد العقد.
وذكروا لذلك وجوها ذكرناها مفصّلا مع أجوبتها في الشرط السابع من شروط صحّة الشروط في الجزء الثالث من هذا الكتاب في مقام شرح « قاعدة المؤمنون عند شروطهم » (٢).
__________________
(١) « عيون أخبار الرضا » ج ٢ ، ص ٤٥ ، باب (٣١) فيما جاء عن الرضا عليهالسلام من الأخبار المجموعة ، ح ١٦٨ ، « عوالي اللئالي » ج ٢ ، ص ٢٤٨ ، باب المتاجر ، ح ١٧ ، « سنن أبي داود » ج ٣ ، ص ٢٥٤ ، ح ٣٣٧٦ ، باب في بيع الغرر ، « وسائل الشيعة » ج ١٢ ، ص ٣٣٠ ، أبواب آداب التجارة ، باب ٤٠ ، ح ٣ ، « صحيح مسلم » ج ٣ ، ص ١١٥٣ ، ح ١٥١٣ ، كتاب البيوع ، ح ٤ ، باب (٢) بطلان بيع الحصاة ، والبيع الذي فيه غرر ، « سنن الترمذي » ج ٣ ، ص ٥٣٢ ، ح ١٢٣٠ ، باب ما جاء في كراهية بيع الغرر.
(٢) راجع : ج ٣ ، ص ٢٨١.