فساد العقد.
وهذا كان منشأ تفصيل ابن المتوج البحراني بأنّ الشرط الفاسد مفسدا للعقد ، إلاّ فيما إذا كان جهة فساد الشرط لغويّته وعدم تعلّق غرض العقلاء به ، فإنّ العقد لا يفسد به (١) ، لأنّ وجود ذلك الشرط وعدمه سواء ، فلا يؤثّر في العقد.
وأنت خبير بأنّ خروج هذا القسم أيضا من قبيل التخصّص لا التخصيص ، لأنّ أدلّة وجوب الوفاء بالشرط منصرفة عن مثل هذه الشروط. نعم في باب النكاح ورد الدليل على أنّ بعض الشروط الفاسدة ـ كشرط عدم التزويج والتسرّي عليها ـ لا يوجب فساد عقد النكاح ، وقلنا إنّ تلك الروايات الواردة في باب النكاح ممّا تدلّ على أنّ الشرط الفاسد لا يفسد العقد. (٢)
وقد ظهر لك ممّا ذكرنا أنّ التفاصيل في هذه المسألة لا وجه لها ، وأنّه ينبغي أن تحرّر المسألة ذات قول بالإفساد مطلقا ، وقول بعدمه مطلقا كما هو المختار ، وأمّا الموارد التي صارت سببا لتلك التفاصيل فهي خارجة عن تحت القاعدة تخصّصا.
الأمر الخامس : في بيان موارد جريان هذه القاعدة ، فنقول :
تجري هذه القاعدة في جميع العقود ، فإذا باع شيئا وشرط عليه شرطا مخالفا للكتاب والسنّة أو لمقتضى أصل العقد ـ لا مقتضى إطلاقه ـ أو لم يكن مقدورا ، أو لم يكن ممّا فيه غرض عقلائي ، أو كان مجهولا ، أو كان مستلزما للمحال ، أو لم يكن منجّزا ، أو لم يلتزم به في متن العقد ، فمثل هذه الشروط لا يجب الوفاء بها قطعا لا كلام فيه. وقد بيّنّا جميع ذلك في شرح قاعدة : « المؤمنون عند شروطهم » مع وقوع الخلاف في بعضها.
إنّما الكلام في أنّ هذه المذكورات توجب فساد ذلك العقد الذي وقعت هذه
__________________
(١) الشيخ الأنصاري في « كتاب المكاسب » ص ٢٨٧ ، حكى عن ابن المتوج.
(٢) تقدم راجع ص ١٩٥ ـ ١٩٨.