ونبيّن هذه الأمور في ضمن مطالب :
المطلب الأوّل
في أنّ الوقف عقد يحتاج إلى القبول ، أو إيقاع
أو عقد ولكن لا يحتاج إلى القبول القولي ، بل يكون نفس تصرّف الموقوف عليهم في العين الموقوفة وقبضهم لها قبولا فعليّا ، كما يكون الأمر كذلك في باب الجعالة بناء على أنّه عقد لا إيقاع ، بل في باب الوصيّة بناء على أنّها عقد ولا يعتبر القبول ، وإن رجّحنا نحن اعتبار القبول فيها ، وظاهر الأصحاب أنّه عقد وإن اختلفوا في اعتبار القبول فيه؟
والظاهر أنّه عقد كما هو ظاهر الأصحاب ، بل صريح جماعة ، بل جماعة منهم كالمحقّق رحمهمالله وغيره يعرفون الوقف بأنّه عقد ثمرته تحبيس الأصل وإطلاق المنفعة (١).
ويحكي تعريفه بما ذكر عن القواعد (٢) والتنقيح (٣) وإيضاح النافع والكفاية (٤).
وذلك من جهة أنّه لا ريب في أنّ الوقف حقيقة واحدة ، بمعنى أنّه ليس الوقف على الجهات كالمسجد والرباط والقنطرة حقيقة ، وعلى العناوين العامّة كالفقراء والعلماء والسادات وغير ذلك من العناوين وعلى الذريّة مثلا حقيقة أخرى ، بل الوقوف في الجميع بمعنى واحد كما هو الظاهر المتبادر من استعمالاتهم.
وأيضا الظاهر بل المعلوم أنّ الوقف على العناوين العامّة أو الخاصّة تمليك لهم كما سيأتي ، وظاهر التمليك والتملّك الاختياري هو أنّه معاهدة من الطرفين ، فيكون عقدا
__________________
(١) « شرائع الإسلام » ج ٢ ، ص ٢١١.
(٢) « قواعد الأحكام » ، ج ١ ، ص ٢٦٦.
(٣) « التنقيح الرائع » ج ٢ ، ص ٣٠٠.
(٤) « كفاية الأحكام » ص ١٣٩.