قصد الفضول القربة حال العقد ، لأنّ قصد القربة عن غير الواقف لا أثر له وإن كان بعنوان النيابة عن المالك ، خصوصا من غير استنابة المالك.
وأمّا قصد المالك حال الإجازة فغير مفيد ، لأنّ الشيء بعد وقوعه لا ينقلب عمّا وقع عليه. نعم بناء على عدم اعتبار قصد القربة فيه ، وبناء على كونه عقدا لا إيقاعا ، وبناء على أنّ جريان الفضولي في المعاملات على القاعدة لا أنّه فقط في البيع وبالأدلّة الخاصّة ، فلا إشكال في جريان الفضولي ، فإذا وقف شخص فضولة ملك شخص وأجازه المالك الواجد لشرائط الإجازة ولكونه واقفا يصحّ ذلك الوقف ، ويكون كما صدر عن نفس المالك.
وأمّا اعتبار كونه بقصد القربة في وقوعه وتحقّقه شرعا أو لا؟
فقد اختلف الفقهاء في ذلك ، واختار العلاّمة قدسسره في قواعده الاعتبار (١) ، وحكى ذلك أيضا عن الشهيد قدسسره في الدروس (٢) ، ويظهر من السرائر (٣) والغنية (٤) دعوى الإجماع على الاعتبار ، وحكى عن بعض دعوى الاشتهار بين القدماء.
ثمَّ إنّه لو لم يوجد دليل لا على اعتبار قصد القربة في تحقّقه ووقوعه ولا عدم الاعتبار ، فهل مقتضى الأصل أيّ واحد منهما؟
أقول : أمّا أصالة عدم الاعتبار الذي ذكرها في الجواهر (٥) فليس لها حالة سابقة على تقدير كون العدم نعتيّا. ومثبت إن كان محموليّا.
فتكون أصالة الفساد في المعاملات والعقود محكما ، لاحتمال دخله في تحقق ماهيّة الوقف شرعا ، ومع هذا الشكّ والاحتمال لا يبقى مجال للتمسّك بإطلاقات أدلّة الوقف ،
__________________
(١) « قواعد الأحكام » ج ١ ، ص ٢٦٧.
(٢) « الدروس الشرعية » ج ٢ ، ص ٢٦٤.
(٣) « السرائر » ج ٣ ، ص ١٥٧.
(٤) « الغنية » ضمن « الجوامع الفقهية » ص ٥٤٠.
(٥) « جواهر الكلام » ج ٢٨ ، ص ٨.