المطلق غير المحدود ، والحبس هو الحبس المحدود المعيّن مدّته.
فعلى فرض صحّة هذا الكلام ، فإذا قصد مرتبة من تلك الحقيقة لا تقع مرتبة أخرى ، لأنّ العقود تابعة للقصود ، والمفروض أنّه فيما نحن فيه قصد الوقف ، فوقوع مرتبة أخرى لا وجه له ، فبناء على هذا لا بدّ من القول بوقوعه وقفا إن لم نقل بالبطلان.
ولكن يرد على هذا أيضا أنّ من شرائط صحّة الوقف الدوام والتأبيد ، بل احتملنا أن يكون داخلا ومأخوذا في حقيقة الوقف.
ويمكن أن يجاب عنه أوّلا : بأنّ الدوام ليس مأخوذا في حقيقة الوقف ، وليس دليل يدلّ على هذا ، وإنّما قلنا باعتباره فيه للإجماع ، وادّعاء الإجماع مع شهرة المخالف في هذه المسألة ـ حيث أنّهم يقولون بصحّته وقفا ـ لا يخلو عن غرابة.
وثانيا : المراد من الدوام المعتبر في الوقف هو أن لا يحدّد الوقف ومدّة حبسه ، وأمّا انتفاء الحكم بانتفاء موضوعه فعقليّ وليس من قبيل تحديد الحكم ، فلو قال لزيد :
بعتك هذه الدار بكذا ، فلم يحدّد تمليكه لزيد ولكن ملكيّة زيد ينعدم بموته عقلا ، إذ لا يمكن بقاء الحكم بدون الموضوع. وفيما نحن فيه إذا قال : وقفت على أولادي النسل الأوّل منهم ، لم يحدّد وقفه وحبسه ، وإنّما ينتفي الحبس بانقراضهم عقلا ، لا بتوقيت وتحديد من قبل المالك.
ولذلك لو قال : وقفت على أولادي نسلا بعد نسل وبطنا بعد بطن ، واتّفق أنّهم لم ينقرضوا ، فالوقف صحيح ، مع أنّ بقاءهم من باب الاتّفاق لا ربط له بإنشاء الواقف.
ثمَّ إنّه بناء على القول بأنّه حبس صحيح ، فلا شكّ في أنّه بعد انقراضهم يرجع إلى المالك أو إلى ورثته.
وأمّا بناء على ما رجحناه من أنّه وقف صحيح ، فهل يرجع إلى المالك أو إلى ورثته إذا لم يكن المالك باقيا ، أو يرجع إلى ورثة الموقوف عليه ، أو يصرف في وجوه