وبعبارة أخرى : صار تقطيعا في ملكيّة المالك مثل الحبس ، حيث أنّه يصير ملكا موقّتا له ، فخروجه عن ملك الواقف بمقدار زمان الحبس ، وفي باقي الأزمنة باق على ملكه ، وفيما نحن فيه أيضا بناء على هذا المبنى كذلك ، أي خارج عن ملك الواقف بمقدار بقاء الموقوف عليهم ، وفي باقي الأزمنة باق على ملكه ، فلا يبقى إشكال في أنّه ينتقل حين موته إلى ورثته.
ثمَّ إنّه بعد ما عرفت أنّ أحد شروط صحّة الوقف إخراج الواقف نفسه عن الموقوف عليهم كي لا يكون من قبيل الوقف على النفس ، لأنّه باطل إجماعا ـ كما تقدّم مفصّلا ـ فلو وقف على أحد العناوين كالفقهاء أو السادات أو غيرهما من العناوين ، وشرط عليهم أداء ديونه أو إدرار مئونته أو عياله أو غير ذلك ممّا يرجع إلى نفسه ، فهل هذا من قبيل الوقف على النفس كي يكون باطلا ، أو ليس كذلك فيكون صحيحا؟
أقول : إن كان شرط عليهم إدرار مئونته أو أداء ديونه من غير منافع الوقف ومن ماله الآخر ، فلا إشكال في أنّه ليس من قبيل الوقف على النفس. وإن شرط أن يكون من منافع الوقف ، فيكون وقفا على النفس ، من جهة أنّ المراد من الوقف على النفس هو أن يرجع تمام الثمرة والمنفعة أو بعضها إلى الواقف ، وما نحن فيه كذلك ، فيكون هذا الشرط فاسدا. وحيث أنّ الشرط الفاسد ليس بمفسد ، وهو إحدى القواعد التي رتّبناها في الجزء الرابع من هذا الكتاب ، فيكون الوقف صحيحا ويصرف في نفس العنوان الموقوف عليهم ، ولو شرط صرف بعض منافعه وثمرته على أهله أو أضيافه أو على أولاده وإن كانوا ممّن هم نفقتهم واجبة عليه ، لأنّ هذا ليس من قبيل الوقف على نفسه.
وأمّا إذا شرط أداء زكاته الواجبة ، أو الخمس الواجب في ماله ، فهذا الشرط فاسد ، لأنّه من قبيل الوقف على نفسه. ولو شرط عليهم الحجّ له به بعد موته من منافع هذا الوقف ، فالظاهر عدم صحّة هذا الشرط.